تعلّمت من نصري المعلوف أن كثيرين لا «يعربشون» على ظهر النيابة، بل يترجلون بواسطتها لخدمة الوطن والناس.
تعلمّت منه ان السادة والعروبة تتفقان لمصلحة الوطن.
هو الألمعي المحامي والمشترع الكبير الذي أسهم إسهاماً جوهرياً في وضع»الميثاق الوطني اللبناني» خلال مرحلة الاستقلال سنة ١٩٤٣، ثم «وثيقة الوفاق الوطني» في مؤتمر الطائف سنة ١٩٨٩، فَسُمِّي : «أبو الميثاقين» . وكان خطيباً مفوّهاً ومفكراً سياسياً هادفاً هادياً، نشأ في قلب النضال الوطني القومي، وانخرط في الثورة العربية ضدّ الانتداب مع كوكبة المجاهدين الأوائل أمثال رياض الصلح، وسعدالله الجابري وآخرين في لبنان وسوريا وفلسطين ومات منتسباً الى حزب الوطنيين الأحرار.
تعلمتُ من بهيج تقي الدين أن الفروسية الحقّة لا تغادر الرجال إلا إذا غادرتهم أرواحهم، وأن النيابة هي ترَف في حب الناس والإستئناس بيومياتهم.
بيته الوالدي كان مدرسة شهامة ووطنية، تجلّى ذلك في كل المناصب التي تبوأها محامياً ونائباً ووزيراً.
أشقاؤه هم الأديب والدبلوماسي سعيد تقي الدين، والأديب خليل تقي الدين، ومدير عام وزارة الدفاع منير تقي الدين، والأستاذ الجامعي بديع تقي الدين، والمحامي نديم تقي الدين.
تعلّمتُ من لويس أبو شرف عشق الكلمة ونحتها وحصادها على بيادر المنابر.. كنتُ فتىً بلكاد يفقه السياسة،عندما كنتُ أسمع خطب الأستاذ لويس في مجلس النواب وفي مناسبات وطنية، فأطربُ لنبرة صوته، وسحر بيانه، ووضوح مرماه. كنتُ أعلمُ أنَه شاعر، هو الذي قال:
«أَطْلِقْ جَنَاحَيْكَ واخْفِقْ أَيّها العَلَمُ / ما حَرَّرَتْكَ أَيادِيْهِمْ كما زَعَموا
لا الفتحُ عِندِيَ سَيْفًا مُرْهَفًا وَلَظىً / الفتحُ عنديَ نِعْمَ الفكرُ والقلمُ
المُصْلِحُ الحُرُّ لا يَرْضَوْنَ نَغْمَتَهُ / والصادقُ الوطنيّ البِرُّ مُتَّهَمُ
مَرْحَى بكلِ أبيِّ النَفْسِ يجعلُ مِنْ / هَوَى بِلاديَ إيمانًا وَيحترِمُ
لبنانُ أُمةُ آمالٍ اذا انْتَفَضَتْ / تحيا بها رِمَمُ الأجيالِ والذِممُ»
تعلّمت من رياض الصلح أن «اللبنانية» ليست نقيض «العروبة» وأن اللبنانيين قادرون على إنتاج وطن نموذج بالعنوانين معاً.
تعلّمّث من ياسين جابر أن هناك نواباً يبقون نماذج في الكياسة والدماثة، لا تغرّهم المناصب ولا»تكبر الخسّة « في رؤوسهم».
قبل الإنتخابات النيابية الأخيرة في لبنان،غرّد النائب ياسين جابر على حسابه عبر «تويتر» كاتبًا: «بعد سنوات في الحياة السياسية والعمل بجهد وجدية لأجل لبنان أفضل، يحزنني حالة الانهيار التى وصلنا اليها مع غياب أي رؤية للخروج من الازمة».
وأضاف: «لذلك ولأسباب خاصة، قررت العزوف عن الترشيح للانتخابات شاكراً كل من دعمني طوال هذه السنوات خاصةً دولة الرئيس نبيه بري».
ما أجمل الفارس عندما يرحل دون أن يترجّل ، إنهم قلّة.
وتعلّمت الكثير من غير هؤلاء لكن المكان لا يتسع لذكرهم جميعاً .
وإن تسألوني ماذا تعلّمت من علي حسن خليل وأكرم زعيتر، فإني اعتذر عن الجواب وأحيلكم الى ما قاله الوزير السابق والنائب الحالي أكرم شهيّب:» أنا أخجل أن أكون نائباً في هكذا برلمان؟!.