صدر عن دائرة الاعلام في المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم لاستراليا و نيوزلندا المقال التالي:.
هل نعيش في زمن شريعة الغاب حيث لا يوجد سوى قانون القوة، القوي المتسلط و الفاجر يأكل الضعيف. هل نعيش في زمن تفشى فيه الفساد وانعدمت فيه العدالة. فلا حق ولا عدل ؟؟ نعم، هذه هي الحقيقة الاليمة و هذا هو الواقع المرير الذي يتخبط فيه اللبنانيون على اختلاف انتماءاتهم، طوائفهم و مناطقهم.
أي عدل يكون عندما يكون الظالم هو نفسه الجلاد و القاضي.
أي عدل يكون عندما يكون المسؤول عن تطبيق القانون و الاتفاقيات الدولية متهم بملفات فساد و سرقة و تبييض اموال.
لكن لكل ظالم نهاية ولكل صاحب حق بداية. و ها نحن اليوم امام تحقيق قضائي اوروبي. لطالما رددت في مقالاتي منذ بدء الازمة اللبنانية ان لا حلول الا بتدخل دولي، و لا استرجاع للاموال المنهوبة الا بتدخل القضاء الدولي، مناشدة الاغتراب اللبناني بحث الامم المتحدة على التدخل لانقاذ البلد من انياب الوحوش المفترسة، لان المسؤولين اللبنانيين هم سبب العلة في لبنان. هم الذين يعطلون القضاء اللبناني خوفاً من ان ينفضح امرهم و سرقاتهم. إذ أن المؤتمن على البلد و حاميه هو نفسه سارقه، فحاميها حراميها .
اليوم، الشعب اللبناني المنهوب ينتظر بفارغ الصبر و على أحر من الجمر نتيجة التحقيقات الدولية مع المتهمين بالفساد ونهب المال العام وتبييض الاموال. لعل هذا الشعب المقهور و المذلول يشفي غليله، ويتم القبض على الحرامية الذين سرقوا امواله و جنى عمره من المصارف. و ذلك بعد ان وصل الى بيروت وفد قضائي أوروبي، يشمل قضاة رفيعو المستوى و مدعين عامين قادمين من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، للتحقيق في قضايا مالية مشبوهة تتعلق باختلاس وتبييض أموال وتهرّب ضريبي، كانت قد رُفعت في عدة دول اوروبية بحق حاكم المصرف المركزي رياض سلامة. تستمر زيارة الوفد القضائي لحوالي الأسبوعين في لبنان، ليواصل التحقيقات من 9 الى 20 من شهر كانون الثاني ٢٠٢٣ لجمع الادلة و الاستماع خلالها إلى إفادات مسؤولين ماليين، مدراء بنوك إضافة إلى حاكم مصرف لبنان وعدد من موظفي المصرف المركزي.
الشعب اللبناني يئس و قطع الأمل من أداء المسؤولين اللبنانيين الفاسدين الذي اوصلوا البلد الى حالة الانهيار منذ سنة ١٩٩٠ و خصوصاً بعد الانهيار المالي، المصرفي و الاقتصادي في ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ . كما ان اللبناني إشمأز من تعطيل القضاء، فهل يعقل أن بلداً منهوباً و منهوكاً و لم يبقى فيه شيء من مقومات الحياة لم يحاكم فيه أحداً من المتورطين و لم يتم القبض على حرامي واحد ؟؟
و اكبر دليل فاضح للقضاء هو عرقلة و تجميد التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت.
لعل القضاء الاوروبي يسترجع بعضاً من حقوق اللبنانيين بعد ان فشل القضاء اللبناني الذي كما يقال و ليس بالفعل يحكم “ باسم الشعب اللبناني” إذ ان القضاء هو نظام الحكم في الدولة و هو الجهة الوحيدة التي يفترض فيها صون الحقوق، وحماية الناس، وحماية ممتلكاتهم ، أموالهم وأعراضهم، وإقامة ميزان العدل والحق. كما على القضاء ان يكون مستقلاً لا سلطة عليه، لا محسوبيات و لا خطوط حمر من اعلى الهرم حتى اسفله. الا ان النظام السياسي الفاسد في لبنان يبحث عن قضاء فاسد مثله، كي يغطي على فساده، ويبرئ ساحته، ويخلي طرفه من أي تهمة. نعم، بمعنى أدق فساد القضاء يعني فساد الحكم، فساد النظام السياسي، فساد الاقتصاد، فساد المؤسسات الحكومية.
السؤال يكمن لماذا هؤلاء المحققون قدموا الى لبنان، ولماذا لم يطلبوا المعلومات عن طريق الآليات الموجودة في معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بوجود المساعدة القضائية لتبادل المعلومات.
من اليقين و المؤكد أنهم سعوا لمدة طويلة للحصول على المعلومات والواضح أنه لا يوجد تعاون كاف من قبل السلطات القضائية اللبنانية لتزويدهم بالمعلومات التي هم بحاجة إليها. كما ان القضاء اللبناني الفاسد و المأجور تقاعس عن القيام بمهامه و واجباته، و لم يستكمل تحقيقاته المحلية بطريقة جدية مع المتهمين. من المؤكد ايضاً ان هذا الوفد لديه أدلة و وثائق مهمة و لا سيما بعد ان تم تجميد اصول لبنانية في الدول الثلاث المذكورة بلغت نحو 120 مليون يورو.
التعاون مع الوفد الاوروبي هو أمر مشروع و ملزم بالنسبة للبنان كونه يندرج ضمن اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد و تبييض الاموال منذ سنة ٢٠٠٩
فهل سيتعاونون معه ليظهروا أنهم مستعدون أن يقدموا المساعدات اللازمة والضرورية لإعطاء صورة جيدة عن القضاء اللبناني وأنه غير مسير ومسخر لمصالح سياسية أو مالية، أو غيرها خصوصاً في موضوع تبيض الأموال.
أو سيمتنعون ويضعون حينها لبنان على اللائحة السوداء ضمن البلدان الغير متعاونة ويقطع عندها أي إمكانية للتواصل مع المصارف المراسلة.
أو ستستطيع المنظومة الفاسدة إخفاء الأدلة و لفلفة التحقيق كالمعتاد، لحماية المتورطين واغراق اللبنانيين أكثر فأكثر.
على أمل أن يكشف الوفد القضائي الاوروبي المستور و يحقق العدالة للشعب اللبناني، فالله يُمهِل و لا بُهمِل.
يا ظالم الم تعلم أن للمظلوم رباً تكفل بنصرته ولو بعد حين.
يا ظالم هل تعلم أن عاقبة الظلم وخيمة في الدنيا قبل الاَخرة.
جوسلين شربل بدوي
مسؤولة الإعلام في المجلس القاري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم لاستراليا و نيوزلندا