أنطوان القزي
صحيح أن العام المنصرم انشغل بأحداثِ كثيرة من حروب وكوارث طبيعية، إلّا أن الحرب الروسية في أوكرانيا، لم تنحصر في المساحة الجغرافية للبلدين ، بل زلزلت العالم معيشياً واقتصادياً وأمنياً، ولم ينجُ أي بلد من تداعيات هذه الحرب.
وما كان لافتاً هو أن أوكرانيا جعلت الدبّ الروسي يرقص وهو ينسحب من مناطق كثيرة سبق واحتلّها ليضمّد جراحه، لتنتفي أسطورة أقوى جيش برّي في العالم أمام الممثل الفكاهي فولدومير زيلنسكي.
وبين الغاز الروسي والقمح الأوكراني بات العالم يتخبّط بين البرد والجوع وبين البحث عن بدائل.
في الوطن العربي، ظلّت حكاية إبريق الفساد والإختلاس تضيّق الخناق على شعوب الشرق الأوسط: في لبنان أيام الفراغ الرئاسي تتكدّس وسعر الدولار يحلّق ومعه أعداد إصابات الكوفيد والكوليرا.. الى توالي غرق مراكب الموت التي بدأت في 24 نيسان إبريل مع غرق 60 ضحية قبالة شاطئ طرابلس.
أما في العراق فإن “ألف ليلة وليلة” الصراعات السياسية أبعدت وتبعد ظلوع الصباح وحرمت شهرزاد من الخلود الى النوم.
وفي فلسطين لا أحد يدرك بوصلة العلاقات بين الأطراف الفلسطينيين فيما بينهم أولاً ومع إسرائيل ثانياً، وكانت عودة نتنياهو إجهاضاً لكل الآمال ومزيداً من الخسائر.
أما سوريا التي تصحو كل يوم على وقع غارات اسرائيلية وأميركية وتركية وروسية، فهي متروكة لقدرها العسكري ولم يحن بعد وقت التعقّل فيها.
وفي الخليج تميّز العام المنصرم بحدثين تاريخيين: الأول زيارة البابا فرنسيس الى البحرين لحضور ملتقى الحوار بين الشرق والغرب، والثاني مونديال قطر الذي انطلفت فعالياته في 20 تشرين الثاني نوفمبر.
في أوروبا المضطربة: الفرنسيون جدّدوا لإيمانويل ماكرون، والانكليز أخرجوا ليز تراس بعد 45 يوماً في رئاسة الحكومة ليحل محلها الهندي الأصل ريشي سوناك. والإيطاليون جاؤوا بامرأة موسولينية الهوى (جورجيا ميلوني) رئيسة لحكومتهم.
وفي الولايات المتحدة لا يزال دونالد ترامب يمارس الشغب السياسي رغم خسارة الجمهوريين في انتخابات الكونغرس النصفية منذ أسابيع.
وفي أميركا الجنوبية أعاد البرازيليون لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الى الحكم بعد قضاء عقوبة في السجن بسبب تهم اختلاس.
نعود الى البيت الأسترالي الذي كان حافلاً بالتطورات الداخلية والخارجية: فقد بدأ مع استمرار مواجهة الكوفيد وشهد فيضانات غير مسبوقة لأكثر من مرّة في ليسمور وضواحيها في شمال الولاية، ثم في فوربس وعدة مناطق في وسط غرب الولاية.
وفي المشهد السياسي فاز العمال في الإنتخابات الفيدرالية التي جرت في أيار مايو الماضي لتتجه البوصلة مجدّداً نحو ترميم العلاقات مع الصين وهذا يحصل فعلاً منذ لقاء البانيزي جينبينغ في 12 تشرين الأول أكتوبر في بالي.
معيشياً شهدت أستراليا غلاءً قياسياً في الوقود وفاتورة الكهرباء والسلع الغذائية .. ووزير الخزانة يحذّر من الأسوأ؟!.
أما نحن فنتمنى كلّ رفاهية وازدهار لأستراليا وكل أمان وسلام لأوطاننا الأم والعالم.