بعد كل الجولات المكوكية بين فرنسا وقطر» المونديال» وبكركي، عاد رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل خالي الوفاض يضرب أخماساً بأسداس، وهو ما كاد يخرج من باب بكركي مع عمه الرئيس يوم السبت حتى دخلها الرئيس ميقاتي يوم الاثنين من الشباك.
وهو أمام الإحباطات التي لازمته في الأيام الأخيرة طلب من عمّه الرئيس زيارة حارة حريك ومقابلة السيد حسن نصرالله، لأن تعلية السقف مع الحزب ارتدّت عليه سلباً ، وهو قصد الرابية قائلاً لعمّه:
توت توت عالحارة
يا عمّي خدني زيارة
قلّو للسيّد إنّي
باقي رهن الإشارة.
ورغم اغتراف التيار الوطني بفشل اتفاق مار مخايل، ورغم أن الجمهورية طيلة الستوات الست لم تخرج من عنق زجاجة حارة حريك. ورغم أن باسيل غمز الأسبوع الماضي من قتاة الوعد الصادق، إلا أنه عاد وفرك عينيه ليجد نفسه عالقاً داخل قمقم الحزب.. فهو لا يريد معوّض ولا يريد فرنجية ولا يريد قائد الجيش لأن جبران يريد جبران؟!.
وأجمعت الصحف على أن باسيل «عاتب على«حزب الله» لأنه يقف دائماً إلى جانب رئيس مجلس النواب نبيه برّي. وهو غضب من الحزب يوم سُمِّيَ نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة. واستشاط غضباً من «حزب الله» يوم لم يضغط على نجيب ميقاتي لاستبدال وزراء رئيس «التيار الوطنيّ الحر» جبران باسيل في الحكومة الحاليّة. كذلك استشاط غضباً من «حزب الله» في الإفطار الرمضاني يوم اختلى السيّد حسن نصرالله برئيس «تيار المردة» سليمان فرنحيّة بعد مغادرة جبران باسيل. واستشاط غضباً من «حزب الله» بعد اجتماعه الاخير بالسيّد حسن نصرالله حيث فهم أنّ الأفضلية الرئاسيّة للعين الأخرى سليمان فرنجية بعد انتهاء ولاية برأسين ورئيسين ميشال عون وباسيل. وأخيراً استشاط باسيل غضباً من «حزب الله» يوم أمّن لنجيب ميقاتي، وبغياب رئيس للجمهوريّة، انعقاد مجلس وزراء بأغلبية الثلثين زائداً واحداً.
وبين الياس بو صعب، الذي يقترع لزياد بارود، وهاغوب بقرادونيان حليف الوزير جورج بوشكيان الذي أمّن نصاب جلسة مجلس الوزراء، بينهما ووسطهما أخذ باسيل يَشبّ ويَشتربّ، ويهدّد بالويل والثبور وعظائم الأمور، واتّهم المشغّلين بدعم ميقاتي الذي لم يكن ليجرؤ من تلقاء ذاته على الدعوة الى انعقاد الجلسة، واتّهم «الصادقين» بعدم الصدق، وواجههم صارخاً: أردتموها معركة وجود فلتكن، ودورنا سلاحنا، ولا تهدّدونا بالسجن والنفي والاغتيال فهذا زمنٌ ولّى، وسترون ماذا سنفعل بجلسة انتخاب الرئيس يوم الخميس، وستحصدون نتائج ما زرعتم بالتخلّي عنّا والذهاب الى انتخاب رئيس جمهوريّة ليس منّا ولا نختاره نحن. جاء الخميس وعلى طريقة «يا هلا بالخميس»، أكلنا وشربنا وكأنّنا ما أكلنا ولا شربنا. مدى حبل التمرّد على المُرشد قصير. كانت زوبعة في فنجان. وعلى خطى شعار «بتحبّ لبنان حبّ صناعتو»، «بدّك تحافظ على صلاحيّات الرئيس، انتخب رئيس، هلّق».
بعد كل هذا الكلام وبعد تكبير الحجر، أخذ جبران نفساّ عميقاُ واستدار صوب حارة حريك وهو يقول:
«توت توت عالحارة يا عمّي خدني ويارة».