أنطوان القزي
لن أقول شكراً قطر لأعود وأنزع صورة أميرها عن الأعمدة والجدران كما حصل بعد حرب تموز 2006 ، بل أسأل الرئيس نجيب ميقاتي لماذا رسم ابتسامة عريضة على وجهه عندما التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أل ثاني مساء الثلاثاء على هامش القمة العربية في الجزائر، ولماذا أطلق ميقاتي بعد اللقاء ضحكة مدوّية وصلت أصداؤها الى شوارع المحرومين في مديتنه طرابلس..
هل تعرقون لماذا؟ لأن الأمير تميم وعده بسحب مئة ألف لبناني من المؤهلين من وطنهم وتوظيفهم في كل القطاعات في قطر.. مبروك.. الأمير تميم تبرّع بالوظائف ورئيس حكومتنا أعرب عن سروره واستعداده للتبرع بمئة الف لبناني يسلخهم من وطن تعلّموا وتخصصوا ليبقوا فيه.. جميل جداً ، ربما في لقاء ثان مع أمير خليجي آخر ولقاء رابع يفرغ لبنان من المؤهلين فيه مثلما فرغ من خيرة أطبائه ومهندسيه وأساتذته؟!.
ميقاتي يسحب المتخصصين في البر والجو، ويترك للبحرأن يسحب الفقراء عبر المراكب، ليبقى «النجيب» ناطور مفاتيح ورئيس حكومة على بيوت هدرها أهلها.
في ذات اليوم، قرأنا عن فتاة تُدعى دولا صوفيا ( الصورة)، عمرها تسع سنوات وتعيش في مدينة طرابلس. تعرّف عن نفسها وتقول:» أنا تلميذة أولا، وثانيا كـ»بائعة خرز» وهذه المهنة مدعاة فخر لي. لدي صفحة على تطبيق «انستغرام» وهي «دولا بوتيك». أبيع من خلالها الأساور والعقود باشكال والوان متنوعة ومميزة.
دولا صوفيا، طفلة الـ٩ سنوات لم تقبل واقع الاطفال البائس والموجع في الفيحاء، فرغم انشغالها بدروسها وجدت لنفسها بعض الوقت لتساهم في مساعدة طلاب باتوا معوزين وهم غير قادرين على متابعة دراستهم. هذه الطفلة فضلت العمل بال»خرز» ومساعدة رفاقها على اللعب كباقي الاطفال بهدف إنقاذ الطفولة.
مع مضي كل شهر أو شهرين تقريبا تجمع صوفيا ما تدخره من مال من خلال مهنتها المتواضعة وتقدّمه الى مدرستته لمساعدة احد من التلامذة العاجزين عن تسديد اقساطهم المدرسية. وعندما يسالها البعض :»صوفيا، ماذا تريدين ان تصبحي حين تكبرين؟» تجيبهم بكل سرور «طبيبة أطفال»، «هذا حلمي الذي أتمنّى تحقيقه لأنّني لا أحبّ أن أرى أيّ طفل يتألّم».
من خلال صفحة أنشأتها على «انستغرام» تمكنت دولا أن تحدث فرقا يبقى بسيطا نسبة الى ضخامة الازمة التي طالت شريحة كبيرة من الشعب اللبناني وحملتهم اثقالا كبيرة بعد ان تخلت الدولة عن واجباتها تجاههم.
فهل يزور نجيب هذه «الأميرة» الطرابلسية ويشدّ على يديها أم أنه :» مش متعوّد»!.