بقلم هاني الترك
By Hani Elturk OAM
إن إصطدام كوكب الأرض بجرم فضائي هو تدمير البشرية واحتمال وارد يقلق البشرية.. أطلقت مؤسسة الفضاء ناسا الأسبوع الماضي سفينة فضائية تُسمى «دارت» التي إصطدمت بكويكب ديمورفس.. وغيرت مساره.. وذلك على سبيل التجربة لمعرفة مدى نجاح تغيير مسار الجرم الفضائي حتى لا يصطدم بكوكب الأرض ويدمر البشرية.
كتبت أنا برنامجاً إذاعياً لإذاعة صوت الشعب ونشرته صحيفة التلغراف عام 1996.. وكان كالآتي..
إفتتحت المذيعة نجاح كرباج إذاعة صوت الشعب يوم الإثنين الماضي ببرنامجها (أخبار لم ترد بالأخبار) بصوت حزين قائلة: «إن الخبر المشؤوم الآتي قد وردنا منذ خمس دقائق.. أعلن علماء الفضاء المجتمعون في نيويورك الآن ان كوكب الأرض سوف يرتطم يوم الأحد القادم الثالثة والنصف بعد الظهر بتوقيت سيدني بكتلة هائلة من المواد المشتعلة التي إنفصلت عن الشمس».
ويقول العلماء أيضاً ان هذا الإصطدام سوف يدمر الأرض بأكملها ويحرق كل مظاهر الحياة فيها ولن يبقي على أي أثر للبشرية.. ويقول العلماء المجتمعون أيضاً أنهم ربما يطلقون قنابل نووية لضرب الكتلة الهائلة السابحة في الفضاء من أجل تفتيتها قبل سقوطها على كوكب الأرض.. ولكنهم يقولون أيضاً ان هذه العملية غير مضمونة.. والأرجح ان يفشلوا في تنفيذها.. لأن الكتلة الهائلة تتجه نحو الأرض بسرعة كبيرة.. ويجدون صعوبة جمّة لتحديد موقعها بالضبط وإصابتها بالقذائف النووية.
هذا ويحذر العلماء سكان الأرض من انه لن يفلت من هذه الكارثة أي مخلوق على وجه الأرض.. وليس أمام البشرية سوى الإستسلام للكارثة المروعة.. والصلاة الى الله ان ينقذنا من هذا المصير الأسود.
هذا وتقول الأخبار الواردة من روما حيث يجتمع هناك رؤساء الدول الكبرى مع البابا ورئيس الأزهر انه ربما تكون هذه نهاية العالم.. وإقتراب القيامة والدينونة كما جاءت في الكتب الدينية.. وصرح ناطق بإسم البابا ان الإنسان قد أفسد هذه الأرض بإرتكاب الشرور والمعاصي.. وإنحرف عن مبادئ الأخلاق والدين.. وقد جاء حكم الله المنتظر منذ آلاف السنين.
ومضى الناطق في التصريح قائلاً: «ان يوم الأحد القادم يكون هو اليوم الفاصل في مصير البشرية حيث يظهر يسوع المسيح قبل حدوث الإصطدام المروع على شاشات التلفزة في جميع أنحاء العالم لإعلان نهاية العالم والقيامة والدينونة كما جاء في الإنجيل: «هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين».. وكما جاء في الإسلام: «يا أيها المؤمنون لا تأتي الساعة حتى ينادي بينكم عيسى إبن مريم إنني ديان العالمين».. فصلوا في الكنائس وفي الجوامع وفي المنازل وتوبوا عن خطاياكم واعترفوا بعضكم لبعض لأن وقت الخلاص قد أتى.
هذا وسوف يصدر بيان آخر عن قمة روما حوالي الساعة الرابعة والثلث من هذا اليوم.. سنبثه مباشرة في هذه الفترة الإذاعية عبر أثير إذاعة صوت الشعب.. فكونوا معنا حتى نهاية البرنامج لتستمعوا الى البيان المصيري.. ولا تنسوا ان تبتهلوا الى الله ان يرحم البشرية ويترفق بها.
وإنتهي بهذا الخبر الذي أذاعته نجاح.
فقد تطوعت أنا أثناء الفترة الإذاعية لأجيب على مكالمات المستمعين.. لأني كنت أعرف جيداً ان الخبر سيثير الرعب في قلوبهم وكنت أود تهدئة روعهم.. وبالفعل ما أن أُذيع الخبر حتى إنهالت المكالمات الهاتفية على الإذاعة.. ولدرجة أنني لم أتمكن من ملاحقة السيل المنهمر من المكالمات بدون مساعدة شخص آخر.
ومن ضمن المكالمات هدد أحد المستمعين بأنه سيرفع دعوى قضائية في المحكمة ضد الإذاعة لأن زوجته قد فقدت وعيها فور سماعها الخبر.. وأراد أن يتحقق من صحة الخبر..قلت له اننا لا زلنا في إنتظار الأخبار من روما.. وما عليك سوى الإنتظار مثلنا.
وقالت إحدى المستمعات أنها ستجمع أولادها وأحفادها ليذهبوا جميعاً الى الكنيسة حتى يودعوا الحياة مع بعضهم البعض في اليوم المنتظر.. وقال مستمع آخر انه مسرور ان النهاية قد حلت بهذا العالم.. لأن الإنسان بالفعل قد أعمته الشرور والخطايا.. وطبعاً يبدو ان ذلك الشخص هو مؤمن وينتظر الحياة الأبدية.
وإتصل أيضاً بنا رجل دين عربي متسائلاً: هل يسوع المسيح سيأتي قبل عام 2000 وهل سيحضر الألعاب الأولمبية في سيدني عام 2000.. فإنه لا أحد في هذا العالم يعلم متى يكون مجيئه المنتظر إلا الآب وحده.
هذه نماذج من التعليقات التي جاءت في مكالمات المستمعين الهاتفية.
ومما زاد من ذعر المستمعين هو ان نجاح قد ألقت الخبر بطريقة جادة حزينة.. يتخلله مقطع من أغنية وردة الجزائرية (بحق محمد وبحق يسوع صلوا لله).
وفي موعد إذاعة البيان المنتظر من روما دخلت أنا للستوديو وسألتني نجاح على الهواء مباشرة ما هي آخر الأخبار من روما؟ قلت: إن الأخبار سارة من روما لأنها تقول ان اليوم عيد الكذب الأبيض غير الضار وكانت كذبة نيسان/ أبريل.. وطبعاً إنفجرنا في الضحك من هذا المقلب الساخن الذي قلب الجالية رأساً على عقب.
سألتني نجاح من أين جاءت الفكرة؟ قلت ان فكرة البرنامج هي مزيج من العلم والدين.. فمن ناحية علمية يقول العلماء انه يمر في مجال الأرض آلاف من الأجسام الفضائية التي من الممكن ان تحطم مدناً بأكملها وكوكب الأرض أيضاً.. وفي مجلة علم الفلك عدد أكتوبر العام الماضي وهي المجلة الرئيسية لعلم الفضاء كانت صورة الغلاف والمقالة الرئيسية فيها هي مقالة عن هذا الموضوع بعنوان Targeting Earth.. وتقول المقالة ان إصطدام كوكب الأرض بجسم كبير أو نجم هو حقيقة علمية واردة قد تحدث في المستقبل.
فإن المُذنّب الذي أصاب كوكب المشتري.. وهو أكبر الكواكب السيّارة في مجموعتنا الشمسية العالم الماضي.. لو سقط على الأرض لدمرها عن بكرة أبيها.. وأزال منها كل مظاهر الحياة.. وتقول المقالة ان الحكومة الأميركية تأخذ هذه الحقيقة العلمية بعين الإعتبار.. حيث تخصص برنامجاً فضائياً يعمل فيه علماء مهمتهم الأساسية دراسة توقيت وقوع هذه الكارثة المروعة.. ومن ناحية دينية نحن نعلم ان جميع الأديان تقر بحتمية إنتهاء العالم في يوم القيامة والدينونة.
وإجمالاً كان البرنامج الذي بثّته نجاح مثيراً غير عادي.. قد يوقظ ضمير الناس ويذكرهم بحتمية نهاية العالم يوماً ما.. مهما طال الأمد لأن الله يمهل ولا يهمل.. وكل عيد كذب وأنتم بخير.
Hani Elturk Oam