المهندس نقولا داوو – سدني

انها تسمية لكتابي الأول من قبل صديق نقي ،
من أستاذ علم الاجتماع والمشبع بالحب للإنسان،
احببت العنوان واعتبرته وساما،
وعلى المغلف الخارجي صورة مناجاة للسماء بريشة قريبي بالدم والفكر،
المقدمات تظهر جمال  مقدميها،
والكتابات في داخل الكتاب خلجات قلبية ،  عن بيادر حصاد الأيام،
لتبقى الكلمات والصفحات شهادة العلاقة الحميمة بين الأرض والإنسان،
والإنسان والإنسان،
والإنسان وخالقه ، شكرا  وتسليمًا،
وحبا عميقا بين كل المكونات ،
لتتناغم الأفكار مع الأشياء، وتفضي حبا بين الملموس وغير الملموس،
فيولد من الماضي جمال ،
ومن المستقبل أمل ،
فتكون الغلبة في المستقبل هي للمنطق المقترن بالحب ،
وليغادر إنساننا الحالي زنزانته المحاطة بأسلاك شائكة من احداث تاريخية مؤلمة ، ومستنقعه الذي صنعه الاستعمار الخارجي ، والفساد الداخلي  ، والجهل المتوارث،
الى عالم النور والحب والوفاء والولاء.

التنوير هو القاسم المشترك بين الادباء والنهضويين ،
والتنوير يرافقه الحب ، مع الشكر على النعمة،
ليصبح الحب للإنسان والبيئة هما الهدف ولهما الغلبة،
لنصل الى ذلك السمو ، مشاركين سوية ،
حاملين رايات التغيير سوية ، مثل حاملي الشعانين،
سائرين بخطوات واثقة نحو المستقبل الجميل المنشود.

الحب يفضي عناقا ، وضمة صدر لمن تحب،
بدون خجل من بعض الدموع الصادقة اعتذارا عن سقطات الماضي،
الفردية والجماعية، وبمختلف الأوجه،
تتلاقى الدموع فتغسل الآثام القديمة ،
تتوحد الدموع وداعا للمآسي  ،
وتتوحد البسمات ترحيبا بالغد المنشود،
والسواعد تتعاضض مع الأفكار العصرية في سبيل الخير العام،
لتولد نهضة،
نهضة من قلب الحزن والخيبة ،
وفرح يولد فرحا مستديما ،
بتصميم الأقوياء، الحكماء،
ومن استصغروا أنفسهم تواضعا ،
لتكبر نفوس ومعنويات العامة،
وينهض المجتمع سوية … وبكل مكوناته.

قرأت رسالة مهاجر الى أمه يقول:
تغيرت يا أماه ، ارجو ان تعرفيني عند اللقاء،
لن اعود الى بلادي واصطاد العصافير واقتلها بيدي ،
بل اطعمها واسقيها من دموعي اعتذارًا ،
لن ارمي ورقة واحدة في شوارع بلادي بل ادورها ،
لن  احابي الطائفيين وصغار النفوس الرافضين للآخر،
لن اقف احتراما لمستغلي المجتمع وصغاره،
بل سأقف بين الصغار ليزدادوا عددا وعدة وقوة،
تغيرت يا أماه لانني صعدت الى النور ،
في بلاد صار الإنسان فيها هو المحور ،
ودلالة الإنجاز ،
والإنسانية ليست شعارات جوفاء بل ثقافة معاشة ،
وعهدا مقدسا بين الدولة والشعب.

الأم تجيب ولدها بورقة مخبأة في كيس الصعتر المهدى اليه،
وله الرمزية التي يفهمها الابن ،
اذ يشتم رائحة هضاب بلاده ويتذوق طعمها،
وتقول الأم ما يشبه الوصية،
ارجوك يا ابني الا تنسى اهلك وبلادك،
انقل افكارك وفكرك المتنور الى شعبك،
عد يا ولدي الى حارتك وضيعتك،
شارك بالتغيير الى الوعي والعلم والأدب ، والتكنولوجيا الحديثة ،
اسرع يا ولدي ، الحياة قصيرة ،
ارضك تستحق جهدك وفكرك  ،
بلادك تحتاج الى التغيير،
وتواقة الى ان تجد الإنسانية الكامنة في ذاتها،
عليك إيقاذ الجمال  القديم بأشكاله ،
والغيرة على الناس ، واستنهاض المروءة، والنخوة،
ووقف الانحدار نحو الموت والعدم،
أنت البذار الجديد،
لا تبخل حتى بدموعك وعرقك ودمك ،
الأوطان يا حبيبي لا تبنى بالتمنيات.

يرتاح الابن الى موازاة الأفكار والتطلعات مع أمه الحنون ،
يضع يده على قلبه ليكون صادقا وبالتزام يشبه قسم اليمين ويجيب :
ان كل نعمة فكرية ومادية املكها هي هدية اقدمها بفرح عند اقدام اهلي وشعبي ،
ان قمة طموحي هو المساهمة بفرح بلادي وثقافتها الجديدة المنتظرة،
وعد لك يا أماه ان أكون وفيا لآمالك وأحلامك ،
ووفيًا لأمي الثانية : الأرض التي ترعرعت فيها،
سأعود يا أماه … سأعود.