أنطوان القزي

تحت عنوان :

«سلام فرمانده» لتلامذة المهدي: جيل التربية الدينية!
كتب الصحافي ابراهيم حيدر في النهار البيروتية ما يلي:
عشرات الآلاف من الأولاد أنشدوا للإمام المهدي في غير منطقة لبنانية كان آخرها في بعلبك. «سلام يا مهدي» يفترض أن تكون أنشودة لإمام العدل، أو لصاحب العصر والزمان وفق الشيعة الإمامية، لكن «حزب الله» عمل عبر مدارسه ومؤسساته على تربية تندرج في سياسته وإيديولوجيته، فينشد التجمع المهدوي لجمعية كشافة المهدي، «إمام زماني» ويقدم التعليم الديني للمذهب أنه أقوى من الدولة وقادر على تربية أجيال تلتزم الخطب الدينية أكثر من التزامها التربية الوطنية. هكذا يسير هذا التعليم كمؤسسة أقوى من الدولة وبوجود مئات المدارس الخاصة الدينية، تدرس عشرات ألوف التلامذة، وتنشئ جيلاً من طائفة تلتزم ولاية الفقيه أولاً وأخيراً.
أغنية «سلام فرمانده» التي أطلقت إيرانياً، ليست أدعية دينية، بل هي تحمل مشروعاً لجيل من التلامذة يتقيد حرفياً بإيديولوجيا «حزب الله» وأن كانت تتصل بالمضمون العقائدي للشيعة الإمامية، والمرتبطة بظهور المهدي المنتظر. بلغ الحزب من خلال كشافته ذروة مشروعه الديني في بيئته وبين الشيعة، خصوصاً حين تطلق كشافته أغنية وتروج لها، وتستقطب عشرات الآلاف لتأديتها، فلا تعود أغنية دينية تنشد لإمام العدل، بل ترويج سياسي وتعبئة والتزام بالمرجعية الإيرانية ورسالة للآخرين.
أقصر الطرق للإمساك بالبيئة هو هذا النوع من التعليم الديني، فيتم استحضار المقدس لخدمة الدنيوي والسلطوي واستخدام الإيديولوجيا بإيقاع سياسي. ينشد تلامذة كشافة «حزب الله» «سلام يا مهدي» إمام الزمان، لتنتهي بإمام في عصرنا هو ولي الفقيه، ما يعني دفع التلامذة للإنشاد لنظام سياسي وسلطة مرجعية، وتكريس التبعية للإمام الحاضر الذي يتولى كل شؤون الشيعة إلى حين ظهور الإمام الغائب. ويعني ذلك أن التعليم الديني في مؤسسات «حزب الله» يقدم للتلامذة نموذجاً عصرياً لما يمكن أن يكون عليه عصر الإمام الغائب عند ظهوره، اي الدولة الإيرانية التي تختم التاريخ!.
رُفعت الأعلام والرايات في تجمعات كشافة المهدي، عشرات الآلاف عبروا عن عشقهم للإمام الغائب المنتظر بحب وشوق وصدحت حناجرهم بنشيد «إمام زماني» ، لكنهم كانوا ينشدون في الوقت ذاته للمرجعية التي تنوب عن إمام العدل ويقرر ولي الفقيه باسمها. ومن الاغنية يتضح كم اشتغل «حزب الله» على بناء جيل داخل الشيعة الإمامية، وبأشكال مختلفة من التعليم وصولاً إلى الجهاد، لا تترك حيزاً للعودة إلى الوطن والهوية، لا بل أنه يجمع من خلال التعبئة المرافقة والتعليم الديني الخاص، المذهب الشيعي ودولة الولي الفقيه في بوتقة واحدة لا تمايز بينهما. فيصبح انتماء هذا الجيل لأهل الولاية ودولة الولي الفقيه ويتبعون حزبها وأجهزتها بالطاعة التي رسخها المقدس وحولها إلى معنى سياسياً وأيديولوجيا، تبقى العبادة داخل هياكلها. هكذا ومن خلال هذا التعليم الديني الذي تترجمه الأغنية والمشروع المؤدلج باستهدافات سياسية، يصبح جيل الولاية الجديد ضمن تشيع الولي الفقيه، لا خروج عنه ولا خلاص إلا بطاعته، فلا يعد لديه علاقة بمحيطه وتتقدم خصوصيته على التواصل مع الآخر.
ترنيمة واحدة في أغنية كلمات النشيد و»لبيك يا مهدي» توقاً لإمام زمانهم كانت كافية للتأكيد أن الحزب من خلال جمعيته الكشفية وتعليمه الديني وحوزاته يصنع أجيالاً بثقافة لها مرجعية حاضرة، علماً أن «سلام فرمانده» فكرة انطلقت من إيران، ولبننها «حزب الله»، إلا أن التلامذة الذين أنشدوها حفظوها على الغائب وربما لا يعرفون مضامينها ومعانيها واستهدافاتها، وهنا يكمن الاختزال والتسييس للعقيدة للإمساك بالجيل الجديد.