في قصيدته «إرادة الحياة»، إختصر أبو القاسم الشابّي حال الصابرين في الشرق بجملة، «ومن لا يحبّ صعودَ الجبال يَعِش أبدَ الدهرِ بين الحُفر». لكن الشابي لم يعش ليرى أن قوماً تجشموا المعاناة والتحفوا العراء وتآخوا مع البرد والعتمة، ثم باتوا نجوماً متلألئة تنير رؤوس الجبال.. هؤلاء الذين عاشت ظلالهم بالأمس معاناة تلك الحفر من ظلمٍ ووجعٍ وقسوة، يملأون اليوم دروب الحياة ويزرعون تلالها نوراً وإنجازات.
من هؤلاء الطبيبة العراقية مريم سركيس جوزيف التي يخفي نجاحها وتألّقها وإنجازاتها في أستراليا وجعاً مزمناً حوّلته الى قوة، وانقطاع سبُل جعلت منه طريق رجاء، هي التي ولدت في كركوك لتعود اليها من بغداد عندما داهمتها الحرب وهي في سنتها الجامعية الأخيرة ، وهناك حوصرت العائلة في منزلها بين مقاتلي الأكراد والقوات الحكومية لتنطلق العائلة في رحلة عذابات جديدة باتجاه أربيل ثم دهوك في الشمال ومنها الى الحدود التركية حيث قضت شهوراُ تعيش وعائلتها من «قلّة الموت» وتلتحف العراء قبل أن تحصل على خيمة من الصليب الأحمر الدولي.
الدكتورة مريم سركيس الإختصاصية في مستشفيي فيرفيلد وليفربول والتي تملك عيادة في منطقة غرين فالي والتي أطلقت مع زملاء لها في الطائفة الاشورية “الجمعية الطبية الأشورية في أستراليا “ في 26 حزيران يونيو الماضي والناشطة المعروفة على المستويات الصحية الإعلامية والتوعوية في زمن الجائحة باتت نجمة مضيئة في سدني وعنواناً إنسانياً لافتاً.
الدكتورة مريم ، زارت مكاتب “التلغراف” التي ستنشر لاحقاً قصتها الغنية المؤثرة والزاخرة بالمحطات والعبر.
وللحديث بقية.