بقلم هاني الترك
By Hani Elturk Oam
عام ١٩٩٢ أصدرت كتابي بالعربية الذي يحمل عنوان الفلسطينيون في استراليا.. وذلك قبل ان أصدر الطبعة الأولى بالإنكليزية.. والطبعة الثانية المنقحة بالإنكليزية ايضاَ.
في حفل ترفيهي موسيقي راقص أقيم للجالية الفلسطينية والعربية وضعت عدة كتب على بوابة القاعة.. وقلت يمكن اخذ نسخة ووضع خمس دولارات ثمناً لها.
جاءت راقصة.. وانكب عليها المحتفلون يسكبون النقود الورقية في صدرها ومؤخرتها وهي في ملابس الرقص.. وجمعت مبلغاً محترماً من المال.
لم يشترِ أي شخص أي كتاب.. وشهادة للتاريخ اخذ شخص نسخة ولم يدفع ثمنها.. احتدمت كل قطرة في دمي غضباً.. واهتزت كل قطرة حزناً.. وايقنت ان عدونا الأول هو الجهل.
يقول الشاعر الكبير تيد هيوز في سيرته الذاتية انه في كل مرة يدخل فيها المكتبة يشعر بالإثارة الذهنية.. ويقول الكاتب الكبير كولن ويلسون انه في المكتبة يشعر بالنشوة العقلية.. اثناء دراستي كان يقول لنا عميد كلية الحقوق في جامعة سدني للتكنلوجيا انه عندما ينقب التاريخ.. ويريد معرفة فيما إذا كان القانون العام الإنكليزي والتشريعات الإنكليزية أصبحت هي السارية على سكان مستوطنة نيو ساوث ويلز وقت اكتشافها تفتح شهيته على الحياة وكأنها شغله الشاغل.
وانا نفسي حينما ادخل المكتبة العامة.. اذ ان مهنتي هي العمل في مكتبات القانون.. اشعر بمتعة ذهنية عارمة.. لأنني اتجول في معبد تراث الإنسانية.. فإن الكتاب يسحرني ويخلب لبي.. فرغم الثورة الرقمية فإنني اعشق الكتاب الورقي.. اعشق شكله في المكتبات وأحب رائحته.
كان يظن ان الانترنت والكتاب الالكتروني سوف يقضيان على الكتاب الورقي.. ويحلان مكانه.. لكن فشلت هذه التكهنات فلا يزال الكتاب هو المصدر الأول للثقافة.. ولم تغلق المكتبات التجارية لبيع الكتب أبوابها.. بل ازداد شراء الكتب وخصوصاً في استراليا.. يبلغ البيع الإجمالي للكتب في استراليا نحو ملياري دولار.. اذ ان نسبة القراءة في استراليا هي الأعلى بين جميع دول العالم.. وفي العالم العربي النسبة هي نصف صفحة كل عام.
فإن نسبة الاطلاع في الجالية متدنية جداً.. فإذا ذهبنا الى أي مكتبة عامة في منطقة ذات كثافة سكانية عربية وتفرسنا في وجوه القراء فلا نجد الا القليل جداً.. وقد أكد ذلك مدراء المكتبات في تلك المناطق.
وأول كلمة في الانجيل في البدء كانت الكلمة.. وان اول كلمة في القرآن هي اقرأ.. وظاهرة عدم القراءة بين أبناء الجالية هي ظاهرة كسل عقلي وخمول فكري.. ان الجهل هو عدو البشرية الأول.. والقراءة هي غذاء الروح.. ونور العقل.. ويقظة القلب.. ومتعة الشعور.. وبسط افاق واسعة من التأمل والفكر والاتصال الدائم بأحداث العالم.. وفي الكتب يكمن تراث الإنسانية كله من فنون وعلوم وآداب.
من المحزن رغم احتكاكنا بالمجتمع الأسترالي اننا لم نبالِ باكتساب أرقى عادة في الانسان العصري المتحضر.. هي عادة القراءة اذ ان النسبة في استراليا رائدة بين الأمم.. فعندما نهتم بالكتاب كاهتمامنا بالغذاء والدواء والهواء ساعة إذن نستطيع ان نستعيد امجادنا وسط الأمم.. فهكذا تبني الأمم امجادها.
في مبادرة واعدة أتمنى لها النجاح.. أقام المجلس الثقافي العربي في سدني نادي الكتاب العربي في اول اجتماع له اليوم الأول من شهر يوليو/ تموز.. في مكتبة غرانفيل العامة.. والدعوة عامة.. بين الساعة الثالثة والنصف حتى الخامسة والنصف.
ممكن الاتصال بالمكتبة على هاتف
90618757..
او بالمنسق للمجلس عامر على هاتف
0413022012.