جوسلين شربل بدوي- سدني

١٧ نائباً من ١٧ تشرين و ٧ علاما نصر. كل حزب يحتسب اعداد نوابه الفائزين على هواه لتكبير كتلته، وانا احتسبتهم على كيفي ١٧ للقافية فقط، انما عددهم ١٥ نائباً من المجتمع المدني سيصرخون من داخل البرلمان “ثورة ثورة ثورة”. و اذا اضفنا الى النواب التغييرين النواب المستقلين المعارضين، من المؤكد أنهم بتوحدهم سيشكلون أكبر كتلة نيابية في البرلمان الجديد ليرجحوا بيضة القبان و يقلبوا الموازين.
مشهد تاريخي شكل سابقة في تاريخ الانتخابات النيابية اللبنانية. مرشحون ثوار مستقلون تغييريون ولدوا من رحم شعب مظلوم مقهور و منهوب، يخوضون الانتخابات النيابية بكل عزم وارادة وطنية، يفوزون بأعداد لا يستهان بها. هم المدعومون من صميم الشعب اللبناني، لم يأتوا لا من احزاب تقليدية، لا من توريث سياسي، ولا من قوى خارجية. اضافة الى انعدام الماكينات الانتخابية لديهم، كما ان عدد مندوبيهم محصور جداً حتى اننا لم نجدهم في معظم المراكز الانتخابية. مرشحون أحرار من المجتمع المدني ثاروا كافحوا جاهدوا، وحصدوا ثمرة نضالهم. ظاهرة فريدة من نوعها و لاول مرة تحدث بان يدخل مجموعة كبيرة من الثوار التغييريين و باعداد يحتسب لها الى البرلمان.
انتصر الحراك الشعبي ودخل معترك الحياة البرلمانية و  السياسية، حدث يولد لأول مرة. ظاهرة عكست رغبة الشعب اللبناني المقهور و الثائر والطواق للتغيير، فأتت النتيجة صادمة كالصاعقة لكل الأحزاب السياسية برمتها. ومن هذه الاحزاب من كان يتوقع ان من خرج من حزب ما ممتعضاً و معترضاً على تصرفاته و أدائه سينضم اليهم الا ان هذا الافتراض لم يكن صائباً، فتوجه الناخب الحر نحو المرشحين التغييريين، وهذه النتيجة كانت متوقعة لكل من كان يتابع غليان الشعب اللبناني الثائر على الارض.
فوز المرشحين التغييرين حصلت نتيجة غضب ونقمة الشعب على السياسيين والأحزاب التقليدية و تحميلهم المسؤولية بالأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي آلت بالبلد بما انهم جميعاً كانوا مشاركين في الحكومات  و المحاصصات والقرارات السياسية السابقة منذ ثلاثين سنة. كما ان هذه الاحزاب لم تعمل جدياً لوجود حلول و وضع خطة تعافي لانقاذ البلد، حتى ان في حملاتها الانتخابية لم يكن لديها برنامج و لا حتى خطة طريق. فالثوار يرفضون سطوة الأحزاب وهيمنتها على القرار السياسي.
اللافت في هذه الانتخابات ولاول مرة، كان حماس فئة الشباب الذين كانوا منذ ١٧ تشرين يفترشون الساحات في الثورة، و مشاركتهم باعداد كبيرة و ادلاؤهم بصوتهم للمرشحين التغييريين. فالتغيير ضروري لتجديد الطبقة السياسية، لاضافة دم جديد من الشباب الواعد  كذلك النمط في الاغتراب كان أيضاً ميال للتغيير والدليل على ذلك أهمية صوت المغترب الذي لعب كف الميزان  وغير المعادلات عند فرز صناديق الاقتراع في الاغتراب، فسقط من اعتبر نفسه مسبقاً رابحاً وبالمقابل ربح من كان يعتقد انه سقط .
الثائر في الشارع أصبح داخل البرلمان، فليسقط جدار برلين اللبناني أمام المجلس النيابي، الجدار الذي بناه ممثلو الشعب في وجه من انتخبهم و ادخلهم الى البرلمان. فليهدم هذا الحائط الإسمنتي والحديدي الضخم عن بكرة أبيه، الجدار الذي يختبئ خلفه الفاسدون الجبناء والخائفون من مواجهة الشعب الثائر عليهم، هم المذعورون من غضب الناس كما اصيبوا  بفوبيا الثوار اذ أصبحوا خائفين من الالتقاء بهم فحبسوا أنفسهم داخل منازلهم و حرموا من حياة طبيعية و من تواجدهم في الأماكن العامة و المطاعم. فليتحطم الحائط المتراس الذي كان يمنع المتظاهرين من الاقتراب من المجلس النيابي، الجدار  الشاهد على ضرب و سقوط الثوار الجرحى من أمامه ومنهم من أصيب بأعينهم و فقد بصره. فليسقط جدار المجلس النيابي.
بعد نتائج الانتخابات النيابية في ١٥ أيار ٢٠٢٢، هذا اليوم التاريخي و المفصلي، لا داعي مطلقاً لهذا الجدار الاسمنتي و لا نفع و لا حاجة له لان الثوار والتغييريين لن يقفوا أبدا من أمامه يرمى عليهم بالرصاص ولا احد يستطيع منعهم من الاقتراب من المجلس النيابي المحصن كالقلعة والدخول اليه، لقد اصبحوا داخل المجلس النيابي و في قلب قلبه عنوة عن كل من كان يريد الغاءهم وسيتربعون على مقاعد المجلس اسوة بغيرهم. كما سيشكلون نواة كتلة نيابية مهمة وفاعلة.
التغيير بدأ من قلب الجنوب وحل شمالاً، جبلاً و ساحلاً، على كافة الاراضي اللبنانية، ومن جميع الطوائف، هذه القوة التغييرية سجلت خرقاً و انتصاراً كاسحاً، فرضت معادلة جديدة واقتحمت  المجلس النيابي. حتماً سنشهد خارطة سياسية ونيابية لا تشبه سابقتها لمجلس نواب جديد و مختلف يحمل فعلاً وجع الشعب. سيكون مشهداً لمرحلة جديدة لان اسماء سقطت و اسماء نجحت.
روح الثورة لن تموت، مادامت قلوب المشاركين فيها راغبة في النصر، و على أمل ان يهز التغيير هياكل الفساد، يحقق الإصلاح  و يعتقل الصندوق الأسود للأموال المنهوبة.