شجرة الأرگان شجرة ناذرة تتميز بجذعها القصير وفروعها الكثيفة الوارفة. تنمو في جنوب غرب المغرب فقط، وتتميز بقدرتها العجيبة على الصمود لمئات السنوات في بيئة قاسية وفي ظل نذرة المياه. تنفرد هذه الشجرة بإنتاجها لزيت الأرگان الذي يتم تصديره لعدد كبير من دول العالم، حيث يستخدم لعلاج الكثير من الأمراض، إلى جانب فوائده الغذائية والتجميلية.
يعتبر زيت الأرگان من أنذر الزيوت في العالم ويعتبر المغرب المنتج الوحيد لهذه المادة. ويعد وادي سوس في جنوب المغرب الموطن الأصلي لهذه الشجرة، حيث تغطي غابات الأرگان أكثر من 71٪ من الوادي. ويعتبر وادي سوس من المساهمين الرئيسيين في مكانة المغرب كأكبر مصدر عالمي لمنتجات الأرگان.
تتصدر المرأة الريفية عملية استخراج الزيت كاملة من خلال المعرفة المنقولة عبر الأجيال من خلال مراحل وطرق إنتاج صارمة ودقيقة، تبدأ بقطف الثمار من أشجار الأرگان ، ثم عرضها تحت أشعة الشمس لساعات كي تجف ويسهل تقشيرها يدويا بمساعدة حجرين أملسين. بعد استخراج النواة يتم تحميصه فوق النار، قبل أن تُطحن على الرحى التقليدية للحصول على عجين متجانس يتم دلكه لساعات متتالية لاستخراج زيت الأركان المخصص للأكل، بينما يمر الزيت المخصص للتجميل، من المراحل ذاتها، إلا أن البذور لا تُحمص فوق النار، وذلك للحفاظ على طراوتها، الشيء الذي يتطلب طحن كميات مضاعفة من ثمار الأركان.
لزيت الأرگان استعمالات متعددة في الطبخ والأدوية ومستحضرات التجميل. ويُعرف عن هذا الزيت علميًا قدرته على الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية و يحارب التهاب القولون والانزلاق الغضروفي. أما بخصوص الفوائد التجميلية، فلزيت الأرگان القدرة على ترطيب وتنظيف البشرة، وتغذية الشعر وتحفيز الوظائف الحيوية لخلايا الجلد ومقاومة الشيخوخة، كما يساعد زيت الأركان في التقليل من الالتهابات الجلدية و يعالج الكولسترول والإكزيما والروماتيزم ،ويخفف من آثار حب الشباب وندوب الحرائق والجروح.
بالرغم من فوائدها الصحية والتجميلية ومقاومتها الشرسة للتغيرات المناخية الصعبة، لا زالت هذه الشجرة تواجه مخاطر الرعي الجائر للسكان المحليين ولجشع منتجي حطب الوقود والفحم الخشبي، وللحفاظ على هذا التُراث الثمين والمنتوج الطبيعي غير المسبوق تعمل السلطات المغربية على عدة واجهات من خلال برامج متنوعة تروم تثمين هذا المنتوج وتقنين استغلاله بشروط صارمة.
وتتويجا لجهود المملكة المغربية في تثمين هذه الشجرة النادرة، وحماية لهذا الكنز الإيكولوجي، أدرجت اللجنة الحكومية لحماية التراث الثقافي اللامادي التابعة لمنظمة اليونسكو سنة 2014 شجرة الأركان على القائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية .كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة العاشر من ماي من كل سنة يوما عالميا لشجرة الأركان، وذلك بناء على تصويت 113 دولة، باعتبارها تراثا ثقافيا لا ماديا للإنسانية ومصدرا للتنمية المستدامة.
ويكرس هذا الإعلان الدور الفعال لسلسلة الأركان في تنفيذ الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويسلط الضوء على دور هذا القطاع في التمكين الاقتصادي للمرأة القروية وتعزيز الاقتصاد التضامني والتنمية البشرية من خلال دعم وإنعاش دور التعاونيات الزراعية الفاعلة في هذا المجال.
شجرة الأركان.. «ذهب المغرب الأخضر»
Related Posts
تأثيرات سورية علي الحال اللبنانية