جبران خليل جبران
منذ عدة أيام اتصل بي الشاب «جاك يسمينا» ابن الراحل «يوسف يسمينا».. ولم يكن هناك اتصال بيننا وقد طلب مني ترجمة ابياتٍ شعرية من الإنكليزية الى العربية للفيلسوف النابغة اللبناني «جبران خليل جبران».. وذلك لقراءتها اثناء اجراء حفل زواجه من الشابة الأسترالية «راشيل».
قلت له لن يستطيع أي مترجم في العالم ان يترجم بدقة كلمات «جبران خليل جبران».. وقال لي «جاك» ان عروسه «راشيل» تنظم حفل زفافها.. وتريد قراءة كلمات «جبران خليل جبران» في أحضان الطبيعة في «اولمبك بارك».. عن المحبة من كتابه الذي يحمل عنوان «النبي».
ذهبنا معاً وابنة العم «مارغريت» الى مكتبة الولاية لمشاهدة معرض «جبران خليل جبران».. وكانت رحلة تاريخية لن تمحوها ذاكرتي.. فلا اصدق نفسي اننا امام المخطوطات الاصلية التي خطها «جبران» بقلمه.. ومن ضمنها مراسلته مع الأدبية الراحلة «مي زيادة».. فنحن امام قامة التاريخ اللبناني العريق.
ولكني حزنت.. بالفعل حزنت وانا اتجول في المعرض متفرساً بوجوه الحضور وكلهم من وجوه أسترالية.. ولم أجد أي وجه من ملامح عربية.. حتى ان سبب حضور العريس «جاك» الفلسطيني الأصل للمعرض هو وعروسه «راشيل» الأسترالية.. التي قرأت بعض كتب «جبران خليل جبران».. واعجبت بها حتى انها استبدلت مراسم زواجها من كلمات الكتاب المقدس بمقطوعات شعر «جبران خليل جبران» عن المحبة.
والجدير بأبناء الجيل الثاني من الجالية العربية مشاهدة عظمة التراث اللبناني.. وقد تذكرت كلمات النابغة «جبران» السابق لعصره: «ان اولادكم ليسوا اولادكم ولكن أبناء الحياة».
واثار المعرض فضول «جاك» لمعرفة التراث اللبناني.. فأخذ يسألني عن تأثير «جبران خليل جبران» على العالم.. قلت له ان تأثير النابغة «جبران» كان على أعظم رئيس للولايات المتحدة الراحل «جون كندي».. حتى ان «كندي» اقتبس في خطابه الأول في للكونغرس الأمريكي كلمات «جبران خليل جبران»: «جميل منك ان تعطي من يسألك ولكن الاجمل منه ان تعطي من لا يسألك».
وبالمناسبة كان «جبران خليل جبران» يعتقد بتقمص الأرواح مثلي.. مع ان العلم لم يكن متقدماً مثل الان لإثباتها علمياً.
وفي حفل استقبال زواج «جاك» و«راشيل» كانت المفاجأة هو تأثر «راشيل» بثقافة لبنانية بسبب قرأتها كتب «جبران خليل جبران».. فقد دخل العروسان للقاعة على قرع الطبول وهما محمولان على الكراسي.. والاستراليون الضيوف مبهورون من إيقاع صوت الطبول وجمال الرقص العربي.
وبعد ذلك دخل القاعة راقصات الرقص الشرقي وعطرن الحفل على أنغام الموسيقى العربية.. والمفاجأة الثانية كانت ان العروس «راشيل» نفسها ارتدت زي الرقص العربي ورقصت كراقصة عربية ممتهنة على موسيقى اغنية «ام كلثوم» التي لحنها «عبد الوهاب» لمدة نصف ساعة وهي «امل حياتي».. ومن الواضح انها تدربت على الرقص العربي قبل أدائه في الحفل.. فجاء جميلٌ جداً الى حد الذروة.. وقالت لي «راشيل» انها تأثرت بعظمة «جبران خليل جبران» حتى انها اجرت مراسم الزواج على الطريقة اللبنانية.. وان عريسها الفلسطيني الأصل لم يكن يعرف جذور الثقافة اللبنانية والعربية الا من خلال عروسه الأسترالية «راشيل».
يا أبناء الجالية العربية.. شاهدوا معرض «جبران خليل جبران».. فإنه مدعاة للفخر.. حتى نتعلم من عظماء الثقافة اللبنانية والعربية.. واحد اعمدتها الشامخة «جبران خليل جبران».. رحمه الله.. وشكراً للذين جلبوا المعرض اللبناني الرائع الى استراليا.
«مقالتي هذه طبعت سنة ٢٠١١» في جريدة التلغراف.