مي مجدي
بينما ينصبّ اهتمام العالم على الغزو الروسي لأوكرانيا -حاليًا-، يشهد الجانب الآخر من العالم تحولاً جذريًا يهدف إلى شنّ الحرب على الفحم في أستراليا، وإسدال الستار على هذه الحقبة التي مازالت تُثير جدلاً واسعًا داخل البلاد وخارجها.
ورغم أن أثرياء العالم يحظون بسمعة سيئة عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ، فإن الملياردير الأسترالي «مايك كانون بروكس» قرر خوض هذه الحرب بنفسه لإنهاء قطاع الفحم في أستراليا ودعم الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات.
ويُعرف الشريك المؤسس لشركة أتلاسيان العملاقة للبرمجيات وثالث أغنى رجل في أستراليا بأنه مؤازر مخلص للانتقال العالمي إلى الطاقة المتجددة، ومن أشدّ منتقدي تقاعس السياسات في بلاده.
ومع تجاهل الحكومة الأسترالية المخاوف البيئية وسيرها عكس التيار، يعتقد كانون بروكس أنه قادر على إحداث فارق خلال السنوات المقبلة.
محاولات القضاء على الفحم في أستراليا
بفضل ثروته التي تتجاوز 20 مليار دولار أميركي، تولّى كانون بروكس زمام المبادرة.
ففي العالم الماضي، تعهّد بمبلغ 350 مليون دولار من أمواله الخاصة لتمويل المنظمات غير الربحية التي تتصدّى لمشكلة تغير المناخ، والاستثمار في مشروعات تعزز الطاقة النظيفة.
و في 19 فبراير/شباط الماضي، تصدّر الملياردير البالغ من العمر 42 عامًا عناوين الصحف بعد محاولة تنفيذ مخطط أسماه «أكبر مشروع لإزالة الكربون في العالم”.
ويتضمن هذا المخطط تقديم عرض لشراء أكبر منتج للكهرباء والأكثر تلويثًا في أستراليا «إيه جي إل إنرجي»، التي تمتلك 3 من إجمالي 16 محطة للفحم في أستراليا، حسب موقع يورونيوز.
ويهدف كانون بروكس من هذه الخطوة إلى إغلاق جميع محطات الفحم التابعة لشركة الكهرباء نهائيًا.
هل سينجح كانون بروكس في مهمته؟
لم يتضح بعد ما إذا كان كانون بروكس سينجح في مهمّته بعدما رفضت شركة الكهرباء الأسترالية عرضه الأوّلي البالغة قيمته 8 مليارات دولار، وعرضه الثاني البالغ 9 مليارات دولار، إذ ترى الشركة أن المبلغ المقدّم أقلّ مما يجب، ووصفت خطة الملياردير بأنها غير واقعية.
ورغم الأخبار المتداولة خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي عن استعداد كانون بروكس للتخلّي عن عرض الاستحواذ، فإن المفاوضات ما تزال جارية، وفقًا لتصريحاته الأخيرة.
وحال قبول العرض، يخطط كانون بروكس لإنفاق 20 مليار دولار على استبدال محطات الفحم التابعة للشركة بمشروعات للطاقة المتجددة.
لكن يبدو أن مخططه لم يلقَ رواجًا لدى الحكومة الأسترالية، وكان رئيس الوزراء سكوت موريسون من أشدّ المعارضين له، إذ يرى أن إغلاق المحطات بحلول عام 2030 سيسفر عن زيادة حادة في أسعار الكهرباء. ووسط كل هذه الإحباطات، يَعِد بروكس أن الوضع سيكون مختلفًا، وسيوفر أقلّ سعر للكهرباء في العالم، وزعم أن المهلة المطلوبة للإغلاق هي 8 سنوات، وهي مدة طويلة تسمح للسوق بالتأهب لهذه التغييرات.
كما أكد استمرار شركة الكهرباء في توفير الكهرباء للملايين من عملائها، والاستعانة بإمدادات خارجية إذا لم يكن إنتاجها كافيًا.
ويرى المحللون أن خطة الملياردير يمكن أن تساعد في انتقال أستراليا إلى الطاقة المتجددة، لا سيما أن الحكومة -حاليًا- ليس لديها خطة واضحة.
تأثير إغلاق محطات الفحم في أستراليا
سيكون تأثير إغلاق محطات الفحم التابعة لشركة «إيه جي إل إنرجي» هائلاً؛ فهي تعدّ أكبر ملوّث في البلاد، وتمثّل 8% من إجمالي الانبعاثات في أستراليا.
وتمتلك أستراليا -حاليًا- أعلى معدل انبعاثات للفرد في العالم نتيجة حرق الفحم لتوليد الكهرباء.
وبموجب الخطط الحالية للشركة، تعتزم «إيه جي إل إنرجي» الحفاظ على محطات الكهرباء العاملة بالفحم حتى عام 2048.
فالشركة الأسترالية تُعدّ أكبر مورد للكهرباء في البلاد، وتخدم واحدًا من كل 3 مستهلكين للكهرباء في أستراليا؛ لذا ستسهم الثورة الخضراء داخل الشركة بإحداث تغيير حقيقي في جميع أنحاء البلاد. ومع التحولات المناخية غير المسبوقة، يأمل كانون بروكس خفض الانبعاثات، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2035.