أنطوان القزي
ماذا فعلتّ للعالم يا ريان؟.
ما هذا الزلزال الإنساني الذي أحدثته في القارات الخمس؟.
فأنتً يا ريان لستَ أول من زلت به قدمه إلى قاع بئر مظلمة، لكنك حجزت لنفسك أكبر مساحة ضوء منذ عقود، وتحوّلتَ إلى أيقونة للألم والوحدة والمشاعر الجامعة بين العرب من المحيط إلى الخليج، وبين العالم قاطبة.
سقوطك يا ريان في البئر الضيّق وضع قرية أجران الجبلية الصغيرة التابعة لمدينة شفشاون الزرقاء على خريطة العالم..
نساء يطبخن ليطعمن رجال الإنقاذ، ومتبرعون يتطوعون لشراء الغذاء وتوزيع الماء.. وكل مقدرات الدولة المغربية استوطنت عند باب ذلك البئر وكل فضائيات وشاشات العالم والأقمار الصناعية تمّ توجيهها ألى حيث سقطتَ في البئر ؟.
ماذا فعلتً يا ريان وقد جذبتَ كل مظاهر الإنسانية إلى حيث كان جسدك الطري ينتظر كي تثمر جهود المنقذين.
ورغم ما نلتَه أيها «الشهيد ريان» من تعاطف إنساني واسع ومستحق، فإن هذا التعاطف جرّ أسئلة كبرى عن عشرات آلاف الأطفال الآخرين الذين يواجهون مآسي أخرى لا تقل ألما وقسوة، سواء كانوا تحت رحمة الحصار في فلسطين، أو الثلج والجوع في سوريا، أو الحرب الملتهبة في اليمن أو الفقر والخطف في لبنان والعراق؟.
ففي شمال سوريا توفيت منذ أيام طفلتان تبلغ إحداهما (7 أيام من العمر) فيما عمر الثانية شهران فقط في خيمة بريف إدلب بسبب البرد القارس”.
وتمّ نشريد عشرات الأطقال بعدما دمّرت الرياح 935 خيمة.
وفبل ذلك توفيت «آمنة سلامة»، (20 شهراً)، حيث وصلت إلى المستشفى ويظهر تشخيص حالتها من بين الأعراض ببرودة شديدة، يضاف إلى ذلك تقرير آخر لوفاة الطفلة «فاطمة المحمود»، (7 أيام)، ومن الأعراض البرودة والنزيف الداخلي.
ماذا فعلت يا ريان والاسبوع الماضي خُطف ريان كنعان اللبناني من بلدته حالات ليطالب خاطفوه بفدية وهم في حي الشراونة؟.
ماذا فعلت وكلّ يوم يسقظ طفل فلسطيني أو يُهدم بيته، ولا أحد يتعاطف معه؟.
ماذا فعلت يا ريان والبابا حزين، وماكرون حزين والأزهر حزين وبوتين حزين،
والإيطاليّون تأثروا بقصتك ؛ لأنها كانت شبيهة بمأساة عام 1981، عندما حاول العشرات من رجال الإنقاذ إنقاذ حياة ألفريدنو رامبي، وهو صبيّ يبلغ من العمر 6 سنوات كان محاصرًا في بئر لمدة ثلاثة أيام قبل أن ينقذوه، لكنه مات.
ماذا فعلتَ يا ريان وعلى مدى عشر سنوات تتكرر معاناة السوريين في المخيمات، العواصف الثلجية تدمر الخيام وتحاصر المخيمات وتمنع وصول الطعام والماء لها، والأمطار الغزيرة تغرق تلك الخيام، فيما يبقى العالم ينظر إلى مأساة المدنيين دون أي تحرك لإنهائها .
وقبل أيام توفي طفل في أحد مخيمات الشمال السوري ونُقلت أمه إلى العناية المركزة بعد أن غطت عاصفة ثلجية خيام المهجرين وسقطت الخيمة على رؤوسهم و رافقها انخفاض حاد في درجات الحرارة وصلت إلى حد التجمد، كما نُقل عدد من الأطفال إلى المشافي بسبب البرد الشديد.
قم يا ريان وانظر كيف أدى فلسطينيون فجر الأحد صلاة الغائب في المسجد الأقصى وفي غزة على روحك وهم الذين سقطوا منذ 74 عاماً في بئر عميقة عميقة ولم يحاول أحد إنقاذهم.
رحمات الله على روحك يا ريان وحمى أطفالاً يكتبون بمعاناتهم ملاحم جديدة؟!.