يوم ولدَت أستراليا من رحم الأمبراطورية البريطانية قبل أكثر من مئتي سنة، كانت عبارة عن منفى للمحكومين والخارجين على القانون من الأنكلوساكسون.
يوم نشأت أستراليا،كان دستورها ينصّ على أنها تابعة للتاج البريطاني وأنها جزء من منظمة الكومنولث وأن الحاكم العام فيها يمثّل الملكة.
الأسبوع الماضي، وككل عام بمناسبة يوم أستراليا، طفت على السطح قضية تحوّل أستراليا إلى جمهورية، بحجة أننا في عالم تخوض فيه الشعوب معارك التحرّر في حين تبقى أستراليا خاضعة للتاج الملكي بملء إرادتها.
فمنذ مئتي سنة، تغيّرت أمور كثيرة: لم تعد التركيبة السكانية لأستراليا هي ذاتها، وأصبحت أستراليا البيضاء من أكثر الدول تعددية في العالم، واستراليا القاصر نضجت وبنت بيتاً أكبر من بيت أمها في لندن، وسبقتها في ميادين كثيرة.. أفضل مدن للعيش في العالم في أستراليا، أفضل الدول في الإكتشافات والأبحاث الطبية هي أستراليا، أفضل الجامعات في أستراليا، وفي ألعاب الكومنولث تحلّ أستراليا في المرتبة الأولى متجاوزة بريطانيا بفارق كبير.. وفي أستراليا يعيش نحو مليون بريطاني بدون حاجة الى الجنسية الأسترالية لأنهم ينعمون بكل الجقوق والواجبات التي يحصل عليها المواطن الأسترالي.
ما سبق وذكرته لا يعني أنني أسوّق للجمهورية، بل هي إضاءة على أمور يجب أن يعرفها الأستراليون لأن هناك خطأ شائعاُ بين الأستراليين، مفاده ان الملكة لها سلطة غلى الحاكم العام وهي كانت وراء إقالة رئيس الوزراء غوف ويتلم سنة 1975، والواقع أن الحاكم العام آنذاك جون كير قام بخطوته دون إعلام الملكة، وما أكّد ذلك هو أنه عندما طُلب من الملكة التدخّل بعد تلك الإقالة رفضت بحجة ان الدستور الأسترالي يمنعها من ذلك.
هذا الخطأ الشائع ما زال البعض يعتبره ثابتة تاريخية ويبنون عليه.
والخطأ الشائع الآخر هو أن كثيرين يعتقدون أن التحول الى الجمهورية سيقلب أموراً ومفاهيم وقوانين كثيرة علماً أن هذا لن يحصل ولن تتغيّر سوى التسمية لأن الشعب الأسترالي هو مصدر السلطات فهو سيقرّر، في ظلّ الملكية أو في ظلّ الجمهورية ولا تجبره سلطة أخرى على القبول بما لا يشاء.
لا تخافوا أي استطلاع ، ولا تخشوا أية نتيجة، ما دمتم أنتم أصحاب القرار.
فالشعب الذي ينتخب اليوم رئيس الوزراء هو عينه سينتخب رئيس الجمهورية في حال جاء أي استطلاع لمصلحة “الجمهوريين»؟!.