أنطوان القزي

لعلّ أسوأ عناوين الوجع ما قرأته منذ يومين عن إمرأة فلبينية خدمت عائلة لبنانية عشرين سنة في منطقة النقاش وأشرفت على تربية أحفاد هذه العائلة. وعندما ضاقت الحال في لبنان غادرت الفلبينية الى بلادها أسوة بكل العاملات..

الأسبوع الماضي، استلمت العائلة اللبنانية عبر البريد السريع مجموعة من الهدايا للأطفال “الأحفاد” مصدره الخادمة الفلبينية ومع الهدايا رسالة تقول:” كنت محتاجة كفيتموني ، فعلّمت أولادي وأوصلتهم للجامعات، وانا اليوم لا اريد أن أجرح شعوركم بهذه الهدايا بل هو جزء من عرفان الجميل.

أدمعت عيون الجدّ والجدة لهذه الهدية التي لا تقدّر بثمن.

قرأت عن عشرات الحالات التي تشبه قصة الفلبينية ولا مجال لذكرها في هذه  العجالة.

وبعد، ما هو موقف المسؤولين في لبنان إزاء هذا المشهد؟.

هل يسألون صاحب العيد المغفرة، هل يطلبون الهدايا للأطفال؟.

هل يحق للسماسرة وتجار الهيكل أن يرفعوا عيونهم الى السماء في هذا العيد، وهل يحق للذي باع ضميره أن يتحدث عن العيد؟.

من يضيء الشجرة ولا كهرباء، من يدفئ الأطفال ولا مازوت، من يشتري الثياب الجديدة والدولار ما زال يحلّق؟.

لقد أعادوا الناس فعلاً الى زمن المغارة، ولكن المجوس لن يأتوا هذه المرّة!.

وما على اللبنانيين إلا استقدام الأغنام والأبقار لإدفاء أطفالهم، ولكن ، هل تستطيع هذه الأبقار والأغنام الوصول الى المزود، والجزّارون والسلّاخون يقفون على باب المغارة؟!.

على من تقرأ منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” مزاميرها وهي تقول في بيانها الذي صدر يوم الجمعة:”

إن مليون طفل على الأقل معرضون لخطر الفقر المدقع وفقدان الغذاء والعنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي مع اشتداد الأزمة في لبنان.
وأضافت المنظمة ، أن “طفلاً من بين كل اثنين في لبنان معرض لخطر العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي، في الوقت الذي تكافح فيه الأسر لمواجهة الأزمة المتفاقمة في البلاد”.

وأشارت المنظمة، إلى أن “حوالي 1.8 مليون طفل، أي أكثر من 80 بالمئة من الأطفال في لبنان يعانون الآن من فقر متعدد الأبعاد، بعد أن كان العدد حوالي 900 ألف طفل في عام 2019”.
والذين يتبارون على الشاشات بالإتهامات والإنتقادات المتبادلة وعن اجتماع الحكومة أو عدمه وعن اقتلاع البيطار أو عدم اقتلاعه، هل يستحقون هذا الوطن؟!.

تحية الى الخادمة الفلبينية وألف لعنة على السارقين “الكبار” في لبنان؟!.