أنطوان القزي
سأقول ما لا أتمناه وما لا أحبّذه، لكن الواقعية السياسية تملي علينا ألّا ننقاد الى العاطفة في المعارك الإنتخابية.
منذ أيام جمعتني حلقة نقاش بالناشط المعروف في ثورة 17 تشرين واصف الحركة عبر تقنية “زوم” عبر إذاعة صوت الغد
(الصورة) وسنحت لي الفرصة أن أعبّر عن هواجسي و أن أضيء على مواقع الخلل أو الدعسات الناقصة التي شابت الحراك الذي كان يمثّل حلمي وأحلام معظم اللبنانيين لدى انطلاقه.
قلت للمحامي واصف الحركة “بدأتم حراكاّ وأصبحتم اليوم حِراكات ، والذي مشى معكم في رياض الصلح والرينغ منذ سنتين، ضاع اليوم وهويرى فروعكم على الشاشات تتواجهون وتتفرّعون”.. ولم يستطع المحامي الحركة نفي ذلك.
قلت له :” أعلنتم الحرب على الأحزاب بالمطلق، رغم أن هناك أحزاباً لم تذق طعم السلطة منذ الإستقلال حتى اليوم، فكيف تضعونها في خانة “كلّن يعني كلّن” ثم هل ترون أن نظاماً ديموقراطياً يمكن أن يعيش بدون حياة حزبية”؟!.
وسألته:” في 17 تشرين زلزلتم الشوارع في كل لبنان، ولم تكن الضائقة على ما هي اليوم، يومها كان يوجد ماوزت وخبز ودواء.. واليوم اختفت كلّها والشارع بات بحاجتكم أكثر، فلماذا انكفأت الثورة”؟!.. أجاب :”الثورة ليس شغلها أن تبقى في الشارع”.
لم يقنعني كلامه، لأن الثورات التغييرية لا تقفل الباب عليها وتبقى داخل جدران المنازل والمكاتب والمؤسسات. وهناك عداوة بين الثورة والأستكانة لأنهما ضدّان لا يلتقيان. فثورة 1968 في فرتسا كانت ساحتها الشارع، وثورة البوعزيزي في تونس كان مسرحها الشارع ، كذلك ثورة ميدان التحرير في القاهرة في 25 يناير كانون الثاني سنة 2011.
أمّا بيت القصيد في إطلالة المحامي الحركة في الحلقة فكانت تحريك الإغتراب للمشاركة في انتخابات “التغيير” معلناً أنه يعوّل على الإغتراب في إحداث التغيير من خلال الأخذ بيد ثورة 17 تشرين . لكنني واجهت المحامي الحركة بالحقيقة المرّة :” لا تعوّلوا كثيراً على الإغتراب كحراك، وما زالت الساحة الإغترابية قلعة حصينة للأحزاب ، وحركة التسجيل للإقتراع أكّدت ذلك، فالإعتماد هو عليكم في الداخل لإحداث تغيير”..عند ذلك اعترف المحامي الحركة بأن وجود الحراك في الإغتراب هو متواضع جداً..
وبعد الحلقة بأيام أكدت نتائج انتخابات نقابة المحامين في بيروت رأينا في تشرذم المعارضة، كما ستؤكّد الإنتخابات المقبلة قولنا “لا تعوّلوا على الإغتراب”؟!.