أنطوان القزي
يوم الجمعة 12 تشرين الثاني أكتوبر الجاري، شارك رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون في ملبورن برفع الستار عن تمثال المهاتما غاندي، وفي اليوم التالي تعرّض التمثال لمحاولة تخريب وتشويه.
أقيم التمثال في منطقة تقطنها الجالية الهندية الأسترالية في ضاحية روفيل جنوب شرق المدينة، وتبرّعت به حكومة الهند.
الإستنكارات تجاوزت الجالية الهندية والحكومة الأسترالية الى كل شرائح المجتمع التي تعتبر غاندي رجل سلام وتسامح.
في السنوات الأخيرة، شهدت أستراليا حملة على تماثيل الكابتن جيمس كوك التي تعرّضت للتكسير والتحطيم في كل الولايات الاسترالية واضطرّت حكومة نيوساوث ويلز الى فرض غرامة مالية وعقوبة تصل الى السجن على المتورطين بتشويه التماثيل.
في الولايات المتحدة، بعد مقتل المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد في 20 أيار مايو 2020، في مينيابوليس بولاية مينيسوتا، حطم محتجون تمثال المكتشف والرحالة كريستوفر كولومبوس إضافة إلى تماثيل رموز الكونفدرالية وسط تزايد الضغوط على السلطات لإزالة تماثيل مرتبطة بحقبة العبودية والاستعمار.
وقد أعادت الاحتجاجات ضد العنصرية إلى المشهد الجدل حول التماثيل المتعلقة بتاريخ الولايات المتحدة.
وقد تعرضت تماثيل لكولومبوس في كل من بوسطن وماساشوسيتس وميامي للتخريب
وفي بريطانيا، أطاح متظاهرو “حياة السود مهمة” بتمثال لتاجر العبيد إدوار كولستون وألقوا به في المرفأ.
كما أزيل تمثال تاجر العبيد روبرت ميليغان خارج أحد متاحف لندن.
وكذلك تم تلطيخ تمثال رئيس الوزراء السابق وينستون تشرتشل بالدهان في ساحة البرلمان وسط العاصمة لندن.
وفي جنوب افريقيا وفي أعقاب احتجاجات طلابية ، تم إسقاط تمثال لسيسيل رودس في جامعة كيب تاون ، وهو المهندس الأصلي لقوانين الفصل العنصري في جنوب إفريقيا في إبريل/ نيسان 2015
ومبدع روديسيا العنصرية القديمة (التي هي الآن زيمبابوي)
في مصر، وفي حديقة كازينو بالاس – حديقة التاريخ حاليًا – بشارع فلسطين بمدينة بورسعيد كان يتواجد تمثال الأنزاك الذي أطلق عليه أهالي المدينة اسم تمثال الجندي المجهول، وهو على هيئة جنديين يعتليان حصانين إحداهما جندي أسترالي والآخر نيوزيلندي.
واختيرت بورسعيد لوضع التمثال بها ليكون بمثابة نصب تذكاري لقتلى الجنود النيوزلانديين والأستراليين فى المنطقة خلال الحرب العالمية الأولى لوجود المستشفى
الأسترالي والمستشفى النيوزلاندي في بورسعيد ودفن القتلى من الجنود في مقابر الكومونوليث بالمدينة.
ومع العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956، هجمت مجموعة من الشباب على التمثال حتى تهشم وتحطم تمامًا واختفى جسد الفارس الأسترالي، وبعدها بفترة طلبت الحكومتان
النيوزيلندية والأسترالية باستعادة التمثال وقاعدته الغرانيتية، وهو ما وافقت عليه مصر وتم شحنهم بحرًا الى أستراليا.
ونظرًا لأنه كان من الصعب ترميم التمثال قررت الحكومتان الأسترالية والنيوزيلاندية عمل نسخة منه ووضعه في أستراليا وبالفعل تم الانتهاء منها عام 1964 وتم وضعه في ألباني غرب أستراليا في نفس المكان الذي تجمعت فيه قافلة الفرسان قبل الرحيل للحرب، كما وضعت رأس حصان التمثال المكسورة بإحدى ميادينها.
واذا كانت اسباب تحطيم التماثيل المذكورة انتقاماً من الإستعمار والعنصرية، فلماذا حطّموا تمثال غاندي عدوّ الإستعمار والعنصرية الأول.
وليعلم هؤلاء أن بريطانيا رمز الإستعمار رفعت تمثالاً في أجمل ساحات لندن لرمز التحرّر نلسون مانديلا، أليس في الأمر عبرة؟!.