المهندس نقولا داوود – سدني

يقول جاري المشبع بالمعرفة :

العظماء يبتسمون في اشد لحظات الألم،

ويستصغرون المسائل مهما عظم هولها،

ويرون في اصغر كوة فيضا من النور والأمل،

كبار النفوس يرون في البذور الغير المنظورة حصادًا وفيرا ،

وحتى يرون في الموت قيامة واعدة وأكيدة.

الحكماء يواكبون الفصول بفرح،

وينشدون الأناشيد لكل فصل وكأنه الفصل الوحيد المنتظر،

يرون في الشمس النور والحرارة والبسمة،

وفي الغيوم الغيث المنتظر، يرون في الليل خزان السكينة والأسرار،

وفي الصباح اشراقة الحياة ودعوة للواجب ،

يرون في الطفولة جمالًا ،

وفي الشباب عزيمة ،

وفي الشيخوخة حصادًا.

وعندما استشرته عن الوضع في لبنان اجاب:

نحن نخضع لقانون الطبيعة التي تفسر غاية الله،

علينا ان نذهب الى الأفران لفترة لتسقط من ذاتنا الشوائب ،

ونعود أنقياء بعد ان نرتوي من نهر الحقيقة ،

وتصبح لدينا المحبة مع الحقيقة قواعد الاستمرارية ،

وتغادرنا الأنانية ، والكبرياء،

ونقترب كلنا من اليعازر السقيم، وبعيدين عن الغني المتعجرف،

ونكون كالعذارى ومعهم الزيت الكافي،

ونرتكز الى الحكمة وليس للغرائز ،

نعم لا غضاضة في جلد الذات لبلوغ الصفاء،

والبداية تكون : انا حر ، إذًا انا موجود،

انا احب بلادي إذا اصلح ان اسمي نفسي مواطنا،

انا مواطن فواجبي ان أكون جنديا مجهولا.

ان وطنا يخرج منه اللاجئون والمهجرون والأدمغة وجب ان يدخل الاتون العظيم ،

اللاجئون يهربون من الظلم،والمهجرون يكفرون بوجوديتهم،

وأصحاب الأدمغة يغادرون عندما يرون طاقاتهم بدون قيمة،

وتشبه آلات موسيقية ثمينة مرمية في المهملات .

ان مجتمعًا لا يتناسق ويتناغم ولا يعالج اموره بحكمة مصيره الانتهاء..

التضحية هي نتاج المحبة،

لا تزهر المحبة في حقول الشوك، أي التهميش والازدراء،

التضحية تكمن في ان يرى الفرد مجتمعه معبدا مقدسا،

وجب صيانته والحفاظ عليه،

وداخل المعبد تسكن أسرته بأمان .

سمعت لجاري وعلمت ان معلوماته مجانية ومتاحة ، وتحليلاته منطقية،

واهم من كل ذلك علمت انه لا ينام ،

ويقض مضجعه العقم المستشري في بلاده الغالية،

وعرفت ان الحب لشعبه الذي يختزنه بين أضلعه يسبب له الأرق المستحكم،

ستكون ثقافته وفكرته سائدتان ،ولو بعد زمن،

ولا لزوم لذكر اسمه ،

فهو حاضر وموجود ومجسد في فكر الفلاسفة والحكماء من شعبه العظيم .