أنطوان القزي
في العراق تعرّض أنصار إيران في الإنتحابات الأخيرة لهزيمة كبيرة لم يهضموها، لأن تحالف الصدر الذي فاز، يدعو الى تقليص النفوذ الإيراني في بلاده. لم يرِق لطهران هذا الفوز وراحت تمدّ حليفها المالكي بجرعة معنوية لتركيب لائحة تحدّ من انتصار الصدريين، ولأنّ مسعاها لم يؤتِ ثماراً، أنزلت أنصار الحشد الشعبي المؤيد لها الى الشارع منددين بنتيجة الإنتخابات، وكذلك لم تحصد ثماراً.
وبقي الكاظمي متمكّناً في رئاسة الحكومة وهو الذي أطلق شعار العراق في العراق وإيران في إيران وصار لاعباً إقليمياً ودولياً وأعاد العراق الى الخارطة الدولية.
وبما أن المالكي المطيع وتظاهرات الحشد لم تؤدِّ الخدمة المنشودة، كان لا بد من ثلاث طائرات مسيّرة للتخلّص منمصطفى الكاظمي ومعه الروح الإستقلالية.. لكنه نجا ونجت سيادة العراق.
لكن اللافت في الأمر أن مؤيدي إيران رأوا أن الكاظمي هو الذي حاول اغتيال نفسه، فها هو قيس الخزعلي، رئيس العصائب قال في بيان له: «إنه بعد مشاهدة صور الانفجار الذي وقع في منزل رئيس الوزراء، وملاحظة عدم وقوع ضحايا، نؤكد على ضرورة التحقق منه عبر لجنة فنية متخصصة وموثوقة، للتأكد من أسبابه وحيثياته». هو يريد اتهام الكاظمي بتزييف العملية، لكنه تردد في التصريح، وكفاه مؤونة الجرأة زميله الآخر، حيث سخر المتحدث باسم كتائب حزب الله المكنى بأبي علي العسكري، من محاولة اغتيال الكاظمي، معتبرا أن «ممارسة دور الضحية أصبح من الأساليب البالية التي أكل الدهر عليها وشرب».
لكن إذا عرف السبب بطل العجب، وإذا ذيق المنبع استسيغ الجدول، فقد اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن المحاولة الفاشلة «مؤامرة خارجية».
الأمر عينه حصل في لبنان مع القاضي طارق البيطار، فهو “يمارس التسييس والإستنساب والتزوير، وهو مثير الفتنة ومسبّب ما حصل في الطيونة”؟!.
ولأن مجلس القضاء الأعلى رفض إزاحة البيطار عن ملف المرفأ ، كانت التظاهرة السيئة الذكر، وكانت التصاريح النارية تتساقط على البيطار كالراجمات
و سمعنا الشيخ نعيم قاسم الأسبوع الماضي يقول “أن المحقق العدلي طارق البيطارتحوّل الى مشكلة حقيقية على لبنان، فهو جاءنا بالمشاكل والمصائب، الأفضل أن يرحل من أجل أن يحصل الناس على عدالة موصوفة”.
كما سمعنا نائب كتلة الوفاء حسن عز الدين يقول:” تحقيق إنفجار المرفأ يمكن أن يبقيه الأميركي مفتوحاً ليستثمره في الانتخابات”.
ولا ننسى بدعة دعاوى “مخاصمة الدولة” التي أطلقها منذ يومين وزراء ونواب استدعاهم بيطار.
إذن، رأس الكاظمي مطلوب في العراق لأنه فهم خفايا اللعبة ووضع بلاده على سكّة الدولة القويّة ومسّ بالمحرّمات.
ورأس طارق البيطار مطلوب في لبنان لأنه يحاول كشف ما هو من المحرّمات ويضع القضاء على السكّة الحقيقية؟!.
وللمفارقة، فإن طالب الرأسين هو واحد؟!.