By Hani Elturk OAM
بقلم هاني الترك
“Neddy” Smith (27 November 1944 – 8 September 2021)
لا بُدَّ عزيزي القارئ أنك سمعت عن اسم أكبر مجرم في أستراليا.. والذي قتل بيده طبقاً لاعترافاته خمسة أشخاص.. وبأبشع طرق الذبح والتنكيل.. حتى أنه اقتلع عيني أحد ضحاياه بيديه دون رحمة أو شفقة.. وكان الرأس المدبر لشبكة تجارة المخدرات.. كان له اتصالات واسعة مع عناصر معينة من جهاز الشرطة كانت تقوم بحمايته.. إن جرائمه البشعة ضد المجتمع والإنسانية لا يقدم عليها حتى الشياطين.. إنها جرائم هذا الوحش الكاسر المجرد من الضمير نيدي سميث.. وهذا اسمه، ينتمي بجرائمه إلى زمرة الحيوانات المسعورة لا البشر.
كانت نشاطاته الإجرامية قد نشرها في كتاب (نيدي سميث: حياته وجرائمه).. وكانت وزارة الادعاء العام قد منحته حصانة شخصية للإدلاء باعترافاته إلى المفوضية الملكية للتحقيق في التعامل بالمخدرات.. حيث كشف في اعترافاته عن حقائق مذهلة واتصالاته مع عناصر ذات نفوذ في أجهزة الدولة.
وهو محكوم عليه الآن بالسجن مدى الحياة مرتين.. حيث ثبت لمحكمة الجنايات ارتكابه لهذه الجرائم بما لا يدع مجالاً للشك.
ما حدث في السجن الذي كان يقضي فيه عقوبته كان شيئاً مذهلاً.. حيث قام سجين يشارك نيدي زنزانته في السجن بوضع آلة تنصت في الزنزانة سجل بها ما قاله له نيدي عن جرائم قتل بشعة ارتكبها لم يكن في استطاعة الشرطة الكشف عن شخصية فاعلها واعتبرت جرائم بغير حلّ.. إضافة إلى قائمة بأسماء الأشخاص الذين كان نيدي سميث يعتزم قتلهم.
وكان السجين قد اتفق بتنظيم مسبق مع كاتب سينمائي اسمه جيمس روغستون على تسجيل اعترافات نيدي سميث حتى يقوم بإنتاجها في فيلم.
فإن الاطلاع على تلك الجرائم التي ارتكبها نيدي سميث تتقزز منها الأبدان وتصيب القارئ بالغثيان.
ومن ضمن جرائمه التي اعترف بها للسجين في زنزانتة أنه كان قد رتب مقابلة صديقة له مع شخص آخر على شاطئ البحر.. وقام سميث بقتل ذلك الشخص ونفذ الجريمة بطريقة توهم الشرطة أن صديقته هي التي قتلت ذلك الشخص.. وبالفعل قبضت عليها الشرطة وأودعتها في السجن.. وبعد يومين من إيداعها في السجن وجدت مشنوقة في زنزانتها.. وقد ظنت الشرطة أنها كانت قد أقدمت على الانتحار.. مع أنه لم يكن ما يثبت ذلك.. وطبقاً لاعترافات سميث لزميله السجين أنه هو الذي نظم جريمة قتلها في السجن من قبل أحد زائريها.
كانت هذه الجرائم الفظيعة تثير قضية هامة عن مدى مسؤولية وسائل الإعلام في تفشي الجريمة في المجتمع، فإن المجرم السفاح يرتكب جريمة ما، ويقضي بضع سنوات في السجن ثم يصبح بطلاً مشهوراً يبيع قصته لوسائل الإعلام.. ولكن بعد ذلك، تم تعديل القانون بمنع أي مجرم من سرد ونشر وبيع قصته لوسائل الإعلام.
وتشير الإحصاءات والدراسات الميدانية إلى وجود علاقة استطرادية بين مشاهدة البرامج التلفزيونية والأفلام السينمائية التي تتسم بالعنف في الحياة الخاصة والعامة.. حتى أصبح المواطن يقلّد المجرمين المشهورين في القيام بجرائم مماثلة.. وأصبح المواطنون أقل اكتراثاً بما يقع للغير من ضحايا الجريمة.
فإن نشر ثقافة العنف يؤدي إلى اتخاذ العنف كوسيلة لحل النزاع مع الغير والوصول إلى الأهداف باعتبار الشخص الأقدر على ممارسة العنف هو الشخص الأمثل للاحتذاء به.. فتتنافس أجهزة الإعلام لجذب جمهور المشاهدين بتقديم البرامج المتلفزة والأفلام السينمائية التي تتميز بالعنف والتي هي أكثر جاذبية.. مما يشجع الجيل الصاعد على اللجوء الى العنف وارتكاب الجرائم.. والأكثر من هذا أن وسائل الإعلام لا تبرز خطورة الجرائم بالتركيز على ضحايا الجرائم ولكنها تتسابق للاهتمام بحياة المجرمين وسلوكياتهم الشاذة.
صحيح أن حرية الكلام والنشر مكفولة في استراليا ولكنها محصورة بأيدي مالكين قليلين.. دون تحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المفيدة.
وقد عبّر عن ذلك أحد المحررين لصحيفة وول ستريت الواسعة الانتشار بقوله: أن الجشع جيد، وهو الشيء الصحيح الذي يعكس روح التطور في هذا العصر.
فإن أهم صفات وخصائص هذا العصر هي تحكّم المادة والشهوات وتجرد الناس من المبادئ والمُثل والبعد عن الروحانيات والإيمان.
وقد يرى حوالي مئتي ألف مواطن استرالي أن هذه مؤشرات نحو نهاية العالم.. ورجوع السيد المسيح ثانية إلى الأرض من أجل تطهير هذا العالم الفاسق الفاسد وتخليصه من الشرور والخطايا وتحكم المادة.. ولا عجب في ذلك والعالم على هذا الحال السيّء والرديء والمنحل.. مثل جرائم نيدي سميث الذي قضى نحبه الأسبوع الماضي في السجن.. وارتكب جرائم ليس لها غفران.