ميخائيل حداد -سدني
التاريخ لم يترك احداثاً تمر دون تأريخها في بطون الكتب ، فبعض ٍمن الاحداث جاء تدوينها في قمة المصداقية وموثقة بالادلة والبراهين ، ويؤخذ بها كمراجع وادلة وامثلة على الاحداث الحاضرة لتصويبها في شتى المجالات ، والبعض الاخر دوِنَ باسلوب فيه من التشكيك بمصداقيته ولو حوى بعضاً من الحقائق ، وذلك لخدمة اغراض واهداف مختلفة ، صاغها المؤرخ لخدمة حاكم او لسياسة دولة او لبعض السلطات او الاشخاص المنتفعين مما يؤدي الى خلافات ونزاعات تشغل المحاكم ، وهذا النوع من التدوين يؤدي الى فتح ملفات من النقاد المحايدين ، لاظهار حقائق طمسها المؤرخ عن قصد اما بالترغيب او الترهيب من اصحاب الشأن تهرباً من العقاب والمسؤولية ….، والنوع الاخير من التدوين وهو الاسوأ على مدى عقود من الزمن ، بتغليف الحقائق بالاباطيل وتشويه التاريخ واحداثه المثبته بالبراهين والادلة الواضحة وضوح انوار المنارات ، على شواطئ البحار لهداية السفن التائهة تمجيداً لحاكم ونظامه ورجاله المرتزقه او لفبركة احداث على عكس حقيقتها ..، مما يسبب زوال هيبة الدولة وزعيمها والشرائح المنتفعة من حوله ، وتتراجع مؤسسات الدولة وينهار اقتصادها ويتخلف العلم والتعليم فيها ، وتفقد مكانتها بين الدول الحضارية ويصبح الفقر سمة مميزة لشعوبها ، وتقع تحت وطأة المساعدات الدولية منها المشروطة وبعضها المربوطة ، والطاعة والسير بما يملأ عليها وإلا العصا لمن عصا …!!.
جرت احداث في العقود الاخيرة في دول العالم الثالث ، ادت الى انقلابات دموية تغير على اثرها حكام بالثورات والاغتيالات والاعدامات ، بعد عقود من تسلطهم على شعوبهم وانهارت كثير من دولهم اقتصادياً واجتماعياً وعمت بها الفوضى ، كما راح ضحيتها مئات الالاف من القتلى والجرحى والمعاقين …، ودفع ثمناً لذلك مجموعات من النقاد المستنيرين بالاغتيال والزج بالسجون واغلاق مؤسساتهم وتكميم افواههم ، المدافعين عن الحريات العامة بالفكر والقلم والمطالبين باقامة الدولة المدنية الكافلة لحقوق الجميع بالتساوي ، ولكن التاريخ لن يتجاوز من تسجيل اسماء شرفاء النقاد في بطون كتبه بماء الذهب ، نقداً للطغاة في التسلط والعمالة للاسياد وسلب مقدرات شعوهم والامثلة كثيرة …؟!.
النقد البناء الهادف الى تصويب ما فسد من اجل رفعة الدول وشعوبها ، هو الوسيلة للنهوض بالامم على طُرق النجاح والازدهار والتقدم .