جورج تامر، ابن بلدة بقرقاشا، قضاء بشري
عند تقييم القيادات، لا بد وقبل كل شيء، الأخذ بعين الإعتبار ليس فقط صفاتها وميزاتها الشخصية، وانما كذلك مسيرتها وما حفلت به من إنجازات على كافة الصعد وما أتخذته من مواقف في أصعب الأوقات وأدقها.
ولدى الحديث عن راعي الأبرشية المارونية في استراليا سيادة المطران انطوان شربل طربية، تطل على الفور سماته الشخصية وحضوره وديناميته وأسلوبه السلس ورحابة صدره وصدقه في التعاطي مع الجميع وأدبياته النابعة من ثقافة روحية وفكرية وأنسانية شاملة.
أذكر جيداً دعوة سيدنا طربية في قداس التولي في كاتدرائية مار مارون ردفرن عام 2013 حين قال
“قبل سيامتي الاسقفية اخترت دير السيدة في قنوبين لرياضتي الروحية، في وادي قاديشا في لبنان لكي أبقى قريبا من اصول الكنيسة المارونية حيث عاش آباؤنا واستجابوا لدعوة القداسة وقدموا الشهادة للرب في الصلاة والحياة النسكية والتضحية والاستشهاد. ومن الوادي المقدس الى استراليا، الارض الشاسعة والمباركة.. تعالوا لنعش ايها الاحبة الموارنة حياة قيم ومبادىء وادي قنوبين ونثمن وندافع عن استراليا التي نحب”.
ولم يحد صاحب السيادة يوماً عن صلب هذه الدعوة ولا خف عزمه وتصميمه، مهما أشتدت التحديات وكثرت التضحيات، على خدمة الأبرشية بكل شفافية ومحبة واخلاص بحسب القيم والمبادىء المارونية وعلى أساس الوفاء لأستراليا الغالية.
ومنذ اليوم الأول وضع نصب عينيه نشر تعاليم الكنيسة المارونية عبر كافة الوسائل المتاحة. فأعد البرامج التي تتضمن رؤيته المستقبلية وأفكاره النيرة الرامية الى تعزيز دور ومكانة الأبرشية المارونية مستعيناً بطاقاتها وعلى وجه الخصوص بطاقاتها الشبابية، وساعياً في كل حين الى تمتين أواصر التواصل مع الوطن الأم لبنان لكي يظل ارتباطنا بالجذور حقيقة ساطعة لا يتمكن منها بعد المسافات.
ولم يضع سيدنا الرؤية والأفكار فقط، بل سعى ويسعى دوماً الى تطبيقها لما فيه خير الأبرشية وكل أبنائها في مواجهة العديد من الصعوبات.
وهل ننسى موقفه الصارم في السعي الى حماية القيم العائلية التي تعرضت وتتعرض الى حرب ضروس حين قاد معركة قاسية ضد تشريع زواج المثليين مما أدى الى استهدافه بشن حملات مغرضة عليه على يد جهات دعمت كل ما يدمر كيان العائلة ومقوماتها. ومع كل ذلك صمد صمود أرز لبنان لأنه على حق ولأنه يستند الى تعاليم الرب يسوع وأنجيله.
وقد بادر سيدنا طربيه الى إطلاق العديد من المؤسسات التي تهتم بأمور الأبرشية على المستوى الإنساني الإجتماعي والكنسي والروحي، وعلى مستوى العلاقات مع دوائر الدولة الأسترالية، وعلى مستوى مساعدة لبنان وشعبه بشكل فعال.
وكيف لنا ان نتغاضى عن زياراته المتواصلة الى لبنان في أحرج الأوقات متحدياً مخاطر وباء كورونا والتحديات الأمنية المتنوعة من أجل ان يمد يد العون الى شعب لبنان ولا سيما بعيد انفجار مرفأ بيروت الكارثي. ولم تقتصر مساعداته الإنسانية على لبنان وانما شملت ايضاً عدة دول منها العراق والفلبين.
اما على صعيد الجالية بصورة عامة فقد عقد عشرات اجتماعات التنسيق مع سائر القيادات الدينية المسيحية ومع القيادات الإسلامية، وعمل على تقريب وجهات النظر بين كافة الأحزاب والتيارات اللبنانية التي ألتقت تحت رعايته في مصالحة وطنية جامعة.
أنه المرجعية الروحية والإنسانية والفكرية التي تحظى عن جدارة بإحترام وتقدير كل الجالية على مختلف انتماءاتها السياسية والدينية. كما أنه محط احترام قادة الكنيسة الكاثوليكية الأسترالية، وكل المسؤولين الأستراليين من رئيس الحكومة الى زعيم المعارضة الى جميع الوزراء والنواب على الصعيد الفيدرالي وعلى صعيد الولاية.
أنه الراعي والقائد والمرشد والصديق الذي نحبه ونقف معه بكل فخر واعتزاز وهو الذي أحبنا وبذل نفسه من أجل الكنيسة ومن أجلنا نحن ابناء ابرشيته وجاليته ولبنانيته وأستراليته.
حفظكم الرب يسوع يا صاحب السيادة انطوان شربل طربية ومنحكم المزيد من القوة لكي تستمرون في تحقيق أهداف رسالتكم الروحية الإنسانية النبيلة. ومثلما ان العاصفة عاجزة عن هز أرزة من أرز لبنان، هكذا أنتم يا صاحب السيادة وستظلون في كل الأحوال والظروف.