تحليل أنطون سابيلا
تتواصل في هذه الساعة عملية اخلاء الرعايا الأستراليين وأجانب ومواطنين أفغان من كابول بعد سيطرة القوات الامريكية والاسترالية على مطار كابول. وقالت تقارير إن قوات التحالف “تتمختر” في كابول رغم انف طالبان وان الامر يبدو وكأن طالبان تتصرف وفقا لمشيئة الحلفاء.
ومن المعروف ان الولايات المتحدة ستنهي انسحابها من افغانستان في نهاية هذا الشهر وقد حذرت القوات الامريكية طالبان من مغبة محاولة عرقلة عمليات الاخلاء “لأن قاذفاتنا سوف تقصفكم بلا رحمة”
ولوحظ من أول مؤتمر صحافي لطالبان ان الناطق الطالباني يتحدث وكأنه يقرأ من توجيهات وكالة الاستخبارات الاميركية “سي اي ايه”
وبدا واضحا الان ان اميركا اخطأت في ترتيب الانسحاب وهو امر سوف ينسحب سلبا على الرئيس الامريكي بايدن مما يضعه في خانة الخطر من قبل اليمين المتطرف الامريكي المسلح تسليحا جيدا.
وقد تابعتُ خطاب الهزيمة لبايدن واستنتجت منه ما عرفته قبل 28 عاما.
لي صديق امريكي اكاديمي بارز كان يعيش ويعمل في سيدني لكنه عاد الى وطنه وكنا نجتمع معه مرة واحدة في الشهر لمناقشة امور الشرق الاوسط. وذات يوم جاء واخبرنا انه مطلوب لواشنطن للمشاركة في لجنة دمقرطة بلدان الشرق الاوسط.
وبدا من اسم اللجنة انها من تصميم السي اي ايه وليس وزارة الخارجية الامريكية كما اقترح الصديق. المهم في الامر حدث ما يسمى بالربيع العربي رغم ان الاكاديميين قالوا للادارة الامريكية ان العرب والشرق الأوسطيون عموما ليسوا مستعدين لدخول معارك من اجل الديمقراطية وانهم سيرفضون العلمانية باستثناء سوريا وتونس حيث خاصة في سوريا فإن الشعب متنور سياسياً وعقائدي والاقليات تلعب دورا مهما في خلق ثقافة متنوعة تعود بالفائدة على الجميع.
وبعد فشل الربيع العربي في مصر والاردن ودولا اخرى توصلت الادارات الامريكية الى قناعة ان دمقرطة الشرق الاوسط امر مستحيل وانه حسب الاكاديميين يبقى لبنان الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق العربي والاسلامي بالرغم من وجود خلافات عميقة فيه مع حزب الله.
لا احد يلوم اميركا على الانسحاب من افغانستان لان هذه الدولة عنوان للتخلف وعدم احترام حقوق المرأة واضطهادها والرجعية وسفك دماء الأبرياء والتعصب الأعمى ولا خير يرتجى منها. وفي التحليل النهائي يجب عدم الوثوق باليمين المتطرف الديني بغض النظر عن الديانة.
كما ان الدول الغربية كانت قبل نحو 30 عاما تستخدم مشورة الخبراء المسيحيين العرب كوسطاء خير ومحللين غير منحازين وعندما تخلى الغرب عن خدماتهم بدأت المعلومات المضللة تتسرب وانقطع الجسر الحيوي بين الشرق والغرب وصار كل من يسعى لمعاش محترم خبيرا امنيا وسقط الغرب في الفخ.