المهدس نقولا داوود- سدني
نحن في حضرة دنكرك اللبنانية ، حيث يشعر اغلبية اللبنانيين أنهم مطوقون،
كما شعر الجيش البريطاني اثناء تطويقه في دنكرك البلجيكية بداية الحرب الكونية الثانية،
عمل البريطانيون بجهد عظيم على إرسال سلالم الحبال لإنقاذ جيشهم ،
وكانت المعجزة ،
وتم ابعاد كأس الذل والهزيمة عن الجنود والأمة،
وعاد الجيش البريطاني الى بلاده ،
ليواصل الحرب ،. ثم ينتصر في النهاية.
بلادنا سقطت في حفرة عميقة،
جدران الحفرة عميقة وملساء،
والصعود من الحفرة يبدو من المستحيلات ،
والذي اسقطهم في الحفرة هي عوامل متعددة ،
منها الطائفية ، ومخلفات الاستعمار العثماني،
وموازييك الشرق الذي ما زال تناقضا مميتا بدل ان يكون فسيفساء جميلة ،
والإرادات الخارجية التي تناغمت مع مصالح المحليين،
وقضية فلسطين المركزية ،
وقضايا الاقليات التي لم ترحل ابديا مع رحيل الاستعمار العثماني،
وأفول الغرب عسكريا وظاهريا وعودته مستعمرا بأساليب مختلفة.
المهم ان شعبنا يسكن الحفرة الكبيرة التي ساهم بحفرها،
في تلك الحفرة العميقة والمملة والباردة دروس يتعلمها شعبنا الذي امتهن الحربقة،
وإتقان معرفة تدوير الزوايا .. ومن اين يؤكل الكتف،
ولكن شعبنا هو لنا ونحن من صلبه،
ووجوديتنا العاطفية والروحية مستمدتان من وجوديته الكريمة،
لذلك علينا نحن الذين خارج الحفرة جغرافيا ان نتقن صناعة سلالم الحبال،
والحبال تدخل في صناعة السفن القديمة التي امتهنها شعبنا قديما.
الإنقاذ من ذلك الدرك هو مسؤولية جماعية،
والجهد العظيم مرفقا بالذكاء والحب العامر حان زمانه،
هل نترك شعبنا في الحفرة أم نهرع للانقاذ؟
سؤال يطرح نفسه بقوة،
والخيار هو بين تراجيديا إغريقية نعيشها،
او عملية إنقاذ تشبه الإنقاذ التاريخي في دنكرك ،
الخيار الثاني هو المنطقي والإنساني ،
وهو الواجب المقدس.