ليس بيننا أكثر من تحية عابرة، لا معرفة شخصية، لكنني أعرف عنه الرأي والموقف اليساريين وهو يعرف عني عكس ذلك “من بعيد لبعيد.. إلى أن التقينا اليوم على فنجان قهوة في مكاتب :التلغراف” التي عمل فيها طوني معيط بين سنتي 1971 و1978.وفيها أطلق من بطرس عنداري فكرة انشاء صحيفة “الشرق الأوسط” التي كانت تصدر يوم الثلاثاء في حين كانت تصدر “التلغراف” يوم الجمعة.

قبل أن يغادر ويؤسس مع بطرس عنداري سنة 1978 صحيفتي “النهار” و”الشرق” ليترأس هو رئاسة تحرير الثانية.

معيط المولود في بان شمال لبنان، والذي تابع دروسه الابتدائية في بشري والتكميلية في بسبعل (بان الشتاء) والثانوية في الكلية الأرثوذكسية في الميناء( مار الياس) ليتابع لدى وصوله الى سدني سنة 1964 دراسة (هندسة الكهرباء) في جامعة نيوساوث ويلز.

إذا سألته ، كيف انطلق لديه الفكر اليساري وهو الآتي من بيئة مختلفة،، يجيب أن القضية الفلسطينية وما تعرض له الفلسطينيون خاصة أثناء حرب الا]ام الستة (1967) عزّزت لديه أفكاره ويضيف:” للأسف إن ما يحصل اليوم هو أسوأ مما حصل سنة 1948

لكنه يوضح ويقول:” أنني ما عدت ابداً أعتبر نفسي يساريّاً منذ عقود… بعد إقتناعي أنّ اليسار أضاع طريقه منذ ذلك الحين.

أكثر من أيّة عقيدة أخرى، انا أعتبر نفسي إنسانيّاً (humanist) يؤمن إيماناً عميقاً بالحقّ والحريّة والإنصاف والعدالة الإجتماعيّة والمساواة بين ابناء البشر… وهذه مبادىء اخلاقيّة شريفة نسيها، مع الأسف منذ زمن طويل، يسار هذه الأيّام.

بعد عمر من النشاط السياسي المكثّف، وصلت يا أنطوان إلى قناعة راسخة، ولكنّها قليلة الأتباع في عصر الأنانيّة والجشع وتأليه الدولار، قناعة بسيطة وواضحة تعكس إتسّاع الأرض  وسخاء الطبيعة، يعبّرون عنها بالإنكليزية بكلمات أبلغ هي:

           Live and Let Live

يطول الكلام مع طوني مارون: قلم جريء، رأي صريح لا يهادن في مجاراة الحق ولا يتنازل عن مبدأ المساواة. خاض حروباً اعلامية كثيرة لمناصرته قضية فلسطين وهو الذي أسس في مطلع السبعينات من القرن الماضي تنظيم”أصدقاء فلسطين في أستراليا” مع بطرس عنداري وجان بشارة” كما أسس مجلة “Palestine Forum” التي كانت تصدركل شهرين لفترة ثلاث سنوات .

طوني مارون بثقافته الموسوعية، تختلف معه أو تأتلف فهو يبقى صاحب بصمات دامغة في الصحافة الإغنرابية في أستراليا ، حمل لواء حقوق الإنسان في كل مواقعه مواقفه وهو الذي كان مشروع راهب لبناني في الكسليك بين سنتي (1958 و1959).. ولكنه سرعان ما اكتشف أنها”ليست دعوته”

الحديث معه يطول ولا ينتهي ولا تستطيع أن تفرغ خابيته في جلسة واحدة.

ويبقى انجازي الأكبر ليس الجلوس معه الى فنجان قهوة بل جعله يعبر عتبة “التلغراف” بعد 43 سنة من الغياب.

“التلغراف” ستنشر لاحقاّ اللقاء الموسّع من طوني مارون معيط.