يتلازم مع القرار السعودي منع استيراد الفواكه والخضر البنانية مع الحديث عن زراعة المواد المخدّرة والاتجار بها مع الإشارة إلى منطقة البقاع الشمالي (شرق لبنان) القريبة من الحدود مع سوريا، حيث نشطت فيها عمليات تصنيع المخدرات وحبوب الكبتاغون، لاسيما في أماكن خارجة عن سيطرة الدولة اللبنانية.
ومع أن زراعة الحشيشة أو ما يُعرف بـ»القنب الهندي» وغيرها لا تزال تفرض نفسها على مساحات واسعة من الأراضي في مناطق عديدة في البقاع الشمالي، إلا أن المعادلة بدأت تتغيّر منذ سنوات مع رواج صناعة حبوب الكبتاغون.
فمع انطلاقة الحرب في سوريا عام 2011 وما رافقها من «فلتان» أمني على طول الحدود اللبنانية السورية، دخلت صناعة حبوب الكبتاغون المُخدّرة على خريطة تجارة المخدرات على حدود البلدين، فجعلت لبنان المُنتج الأوّل لهذه المادة حتى العام نفسه، لاسيما بعد إنشاء مصانع أكبر في سوريا نظراً الى زيادة الطلب عليها.
وتنتشر صناعة حبوب الكبتاغون بشكل خاص في مناطق القصير وريف دمشق الخاضعة لسيطرة «حزب الله» ومجموعات تابعة للنظام السوري.
ويوجد في هذه المناطق حتى عام 2017، أكثر من 60 مصنعاً بين كبير وصغير لإنتاج حبوب الكبتاغون المنشّطة يتم تسويقها تحت سلطة الأمر الواقع التي تُحكم قبضتها على المعابر الشرعية وغير الشرعية بين البلدين وعلى المرافئ العامة.
ففي العام 2014، تم اكتشاف أكبر مصانع الكبتاغون في لبنان مُقام تحت حسينية الزهراء في مدينة بعلبك.
وفي مطلع العام الجاري 2021، دهمت القوى الأمنية اللبنانية مصنعاً صغيراً في بلدة يونين قرب مدينة بعلبك.
ونُقل عن أحد المتابعين لموضوع الكبتاغون في البقاع قوله «إن مصنع الكبتاغون عبارة عن مختبر كيميائي يدخل إلى الأراضي اللبنانية بطريقة شرعية وعلى أساس أنه لوازم طبّية وصيدلانية.»
كما يحتاج تشغيله إلى دكتور في الكيمياء الحيوية، وتعتبر تلك الحبوب بمثابة منشّط ذهني تبقي مستخدمها 48 ساعة من دون نوم.
تعليقا على هذا الملف الشائك، أوضح وزير الداخلية السابق مروان شربل لـ»العربية.نت» «أن صناعة حبوب الكبتاغون تتم في سوريا وهناك معامل موجودة في البقاع داهمها الجيش اللبناني سابقا.
وقال «من المُرجّح أن تكون شحنة المخدرات التي ضبطتها السلطات السعودية أتت من سوريا إلى لبنان عبر الترانزيت (البر)، خصوصاً ألا موسم رمّان في لبنان الآن، ثم توجّهت عبر مرفأ بيروت إلى المملكة».
فقبل أشهر، كشفت السلطات الإيطالية أنها تمكنت من ضبط نحو 15 طنا من الكبتاغون، تبين أن «حزب الله» وراءها، بحسب ما أفادت وكالة «نوفا» الإيطالية في حينه.
في السياق، اعتبر المحلل العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو لـ»العربية.نت» «أن لبنان كلّه بات تحت سيطرة حزب الله وليس منطقة البقاع فقط التي تزدهر فيها تجارة وصناعة المخدرات، وقرار مداهمة مصانع الكبتاغون لا يعود للقوى الأمنية، لأنها لا تملك الجرأة للقيام بذلك، لأنها تُدرك سلفاً أنها «مصادر تمويل» لتنظيمات مسلّحة (في إشارة إلى حزب الله) أو لأشخاص مقرّبين منه».
ومع أن أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله أعلن في معرض نفيه خلال إحدى إطلالاته اتّهام الحزب بتجارة المخدرات «أن تلك المسألة محرمة»، غير أن تقريراً لمكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي صادر في تشرين الثاني 2008، أظهر تناقضاً في كلام نصرالله بإشارته إلى أنه أعلن لأنصاره أن «تهريب المخدرات أمر مقبول أخلاقياً عندما يتم بيع المخدرات إلى الغربيين كجزء من الحرب ضد الأعداء».
تعقيبا على تلك النقطة، رأى الحلو «أن حزب الله يُحرّم الاتجار بالمخدرات لنفسه إلا أنه «يُحلّلها» لمن يُصنّفهم بالأعداء، أي بعض الدول العربية والغربية».
ورغم أن «حزب الله» يُجاهر دائماً بألا علاقة له بتجارة المخدرات ولا بالتجّار، غير أنه معلوم بين اللبنانيين أنه يتغاضى عن أسماء كبيرة تُتاجر بالممنوعات، معظمها من البقاع، كون هؤلاء يقدّمون الدعم المادي للحزب منذ العام 2000، وهم من عشائر معروفة جداً في المنطقة.