لا وقت للإستعلاء؟!.

أنطوان القزي

لم يعد يعنينا نحن المعتربين  اللبنانيين التغني بإنجازاتنا.. وإزاء ما يمرّ به لبنان، لم يعد إحصاء المبدعين والمجلّين بيننا سوى ترَف يمكن الإستغناء عنه لأننا نعيش وبإلحاح في زمن إنساني مستقطع.

وإذا كان فرّيسيو بلاد الأرز يمعنون في سياسة تنازع البقاء، فنحن المغتربين نعمل على تحصين هذا البقاء: تخلّينا عن الإستعلاء، وسرنا على هَدي مقولة السيّد بعد تحويرها بالإذن منه جلّ جلاله :” تذكّر أيها اللبناني أنك من لبنان والى لبنان تعود”.

وما عاد يعنينا الكلام عن جبران ونعيمة وكارلوس سليم ومايكل دبغي وأمين معلوف وصلاح ستيتيه وحسن كامل الصباح.!! بل  ما يعنينا السؤال عن أم روبير في الأشرفية وأم العبد في البسطة وأم عثمان في طرابلس وعكار وأم سركيس في زغرتا وأم شربل في جبة بشري، وأم علي في بعلبك والجنوب  وأم طانيوس في المتن وكسروان.. والسؤال عمّا يطبخن وكيف يوفّرن الحليب لأطفالهنّ والدواء لذويهنّ.

وما عاد يهمّنا كم رقماً قياساً سجّل مكسيم شعيا بين أفرست والقطب الجنوبي، بل ما يهمّنا هو كم لبنانياً يتلقّى اللقاح كل يوم؟.

يوم أمس الأوّل، تلقّى صديق لي من أبناء بلدتي يقيم في سدني اتصالاً من لبنان من رقم لا يعرفه، وعلى الخط الآخر كان صوت امرأة تسأله عن حاله ألستَ أنت فلان؟ قال لها نعم هذا اسمي ولكني لستُ قريبك وربما أسماؤنا متشابهة، قالت له :أرجو إذا كنتَ تعرفه أن تبلغه أن وضعنا سيّء ونحن بحاجة الى مساعدة”، قال لها صديقي “لا أعرفه، على كل حال، أعطني اسمك ورقمك حتى أرسل لك ما تيسّر ريثما تعثرين على قريبك”.

في اليوم التالي تلقّى صديقي اتصالاً من والدة المرأة التي لا يعرفها تشكره على مساعدته ونبل عطائه.

صديقي هذا نموذج لأصدقاء كثر يتواجدون في كل بيت وشارع ومنطقة في أستراليا وكل الإغتراب.. حيّاهم الله.