> أنطوان القزي
يألف خالد الحلي سبر أغوار الشعر وهو الصياد الذي يحترف الغوص في بحور اللآلئ.
زورقُه لا يألف إلا المراسي البعيدة، وحصانه لا يباري إلا في مرامح الميامين.
شاعر يتأبط ريشة ودوات، ويسدل للمرايا أكماماً من بنات النجوم، ليراقص قنديله مساحة الليل بين الحلم واليقظة.
من عراقه الذي شبَ فيه إلى ملبورن الكهولة ، تضيق المسافة على خالد الحلي بالترف الملهم، بالمواعيد المتناسلة وبالكلمات التي ترصف مساكبه سحراً وعطراً وفوح عبير.
في كتابه الجديد « ما كان.. كيف كان» يوصد خالد الحلي الأبواب ويغلق النوافد ويمزق الاشرعة وهو الذي «أضاع القفل والمفتاح من زمان». لكن هذا يبقى عند الكلام في حِرَفية اللاعب الموهوب الذي يجيد تطويع اللغة والصورة في آن، أما في الأريحية التي يحتل الحلي أوسع مراتبها فتنفتح أمامه الأبواب والنوافذ وتلوح له الأشرعة ويمسك جيداً بكل أقفال الشعر ومفاتيحه.
بين «جسور النثر وأنهار الشعر»، يجيد الحلي لغة الحواس مرهفاً متألقاً ، ويترك للريح أن تنازل أجنحته وللضوء أن يوقظ أسحاره.
وبين عناوين الحياة وأفلامها يسرقك ديوان «ما كان.. كيف كان»، فأنت بين يديه مخرج ومنتج وكاتب سيناريو يمسك مَلكة البلاغة ويضع تاج القريحة على جبينه ويسير.
* «ما كان.. كيف كان» ديوان جديد للشاعر العراقي المقيم في ملبورن خالد الحلي باللغتين العربية والإنكليزية من 179 صفحة.