“براڤو” قيصر

أنطوان القزي

 

يقول المثل” ما إلك صاحب إلّا بعد خناقة”، لكن ما حصل بيني وبين الصديق قيصر طراد منذ سنوات كان خلافاً إعلامياً في النظرة الى الكثير من الأمور التي تتعلّق بالجالية وعلاقتها بالمجتمع الأسترالي.

يتذكر الناس جيداً يوم كان قيصر بطل الإعلام وهو طالما احتل الشاشات لتوضيح ما كان يقوله مفتي استراليا آنذاك الشيخ تاج الدين الهلالي. وكم من المرّات اتصل قيصر بنا محتجاً على ردّ فعلنا على ما يقول، ولكثرة إطلالاته في تلك الفترة بات يمثّل بنظر الكثيرين حالة متطرّفة  ورأى كثيرون أن تصريحاته تسلّم الإعلام الأسترالي سلاحاً لمهاجمة الجالية، علماً ان الاعلام الأسترالي كان يستدرجه ليكون كذلك..

وكان هذا الإعلام بحاجة الى إثارة ووجد ضالته لسنوات بالشيخ تاج وبالصديق قيصر وراح يتتبّع خطواتهما على مدار الساعة..

مرّت السنوات وابتعد قيصر عن الشاشات مع ابتعاد الهلالي عن مركز الإفتاء وبات إسماً معروفاّ بالإعتدال وهو زارنا اكثر من مرّة في التلغراف واهدانا كتابه “مغامرات الحب” .. ولا ننسى ان قيصر ربح دعوى قضائية رفعها امام المحاكم ضد المذيع “المثير للجدل” ألن جونز،  وسرعان ما اطلق قيصر هيئة الحوار الإسلامي المسيحي وكان لها نشاطات مشهودة. وبعد تلك الفترة اقام في منزله مأدبة تكريمية لزعيم المعارضة الفيدرالية الأسبق جون هيوسن وكنت انا من المدعوين اليها، يعني صارت علاقتنا بقيصر ” صافي يا عسل”..

الخميس الماضي كنت مدعوّاً الى مأدبة أقامها الدكتور مصطفى علم الدين تكريماً للرئيس الجديد لمجلس الجمعيات الاسلامية في نيوساوث ويلز وكان قيصر موجوداً وكانت لي كلمة اثنيت فيها على صلابة مواقف الزعبي عبر اذاعة الصوت الاسلامي في الدفاع عن استراليا بالفم الملآن والاشادة بها وبإيجابياتها وهي التي “حضنتنا وساعدتنا جميعاً” ودعوت  في كلمتي المترددين كي يتماثلوا بالزعبي كي يخلعوا عنهم رداء الخجل والتردد عند الحديث عن ايجابيات استراليا.

هنا طلب الصديق قيصر طراد الكلام واثنى على ما قلته عن الزعبي وقال:” اودّ ان اقول لكم شيئاً يؤكد هذا الكلام، فمنذ يومين اصدرت الحكومة الاسترالية طابعاً بريدياً تكريماً لأعضاء الجهاز التمريضي الذين يقفون في الصفوف الأمامية في مواجهة وباء الكورونا ( الصورة)، والمرأة التي تقف في الطليعة هي امرأة مسلمة محجّبة، في محاولة من قبل المسؤولين في بريد أستراليا التأكيد أنه لا فرق بين مسلم ومسيحي وأبيض وأسود ورجل وامرأة في عملية التصدي للوباء، يعني ذلك ان الدولة الأسترالية تعتبر المرأة المسلمة جزءاً من هذا المجتمع وجزءاً طليعياً ولا فرق بين إمرأة وأخرى إلا بالعطاء وليس على أساس العرق أو الدين أو اللون.. وانا ادعو المشككين ان يتعظوا من هذا المشهد ويزيلوا اي التباس من اذهانهم تجاه هذا البلد” .. إنتهى كلام قيصر.

 

 

ما أسوقه هنا  ليس لأن لي حق الحكم على اي كلام  أو توزيع شهادات على الآخرين ، بل هو من باب الإعجاب والتقدير  لرجل لم يعد يعطي ما لقيصر لقيصر وبات يعطي ما لأستراليا لأستراليا..

براڤو قيصر؟!.