احمد تفاحة

لكل مرحلة ولبكركي دورها، من لبنان الكبير عام 1920 إلى الإستقلال الأول في العام 1943، بعدها الإستقلال الثاني عام 2005 الذي إنتفض الشعب اللبناني لحظة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مطالبًا برحيل القوات السورية عن أرضه، وصولاً إلى اليوم في 27 من شباط، وبكركي ترفع صوتها ولكن هذه المرّة بوجه كل الطبقات السياسية التي أوصلت البلد إلى ما وصلنا إليه نتيجة الأزمات التي نمرّ بها من إقتصادية وإجتماعية ومالية، بالإضافة إلى إنضمامنا إلى لعبة المحاور الإقليمية والدولية نتيجة أخذنا إلى المحور السوري الإيراني من قبل بعض الأطراف اللبنانية، حيث أصبحنا على شفير الإنهيار.

إذن، بكركي لا تهدأ، لا تسكت أمام رؤية الشعب اللبناني برمّته ينهار على كلّ المستويات، فبعد الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الرافض لطروحات سيّد بكركي وتحديدًا المؤتمر الدولي الذي دعا إليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي لاقى كلامه تأييدًا سياسيًا واسعًا من كل الأقطاب التي زارت الصرح البطريركي، والتي لم تتوانَ من إعلان موقفها الواضح والصريح دعمًا لسيّد بكركي وطروحاته، واليوم إنتهى التأييد السياسي ليأتي التأييد الشعبي، حيث تقاطرت الوفود إلى ساحة الصرح البطريركي في بكركي للمشاركة في التحرك الداعم لطروحات البطريرك الراعي، وسطة مواكبة أمنيّة وانتشار للعناصر على طول الطرقات المؤدّية إلى الصرح، حيث ورُفعت في الباحة الخارجية لافتات كُتب عليها لبنان أولاً وأخيراً، حياد – سيادة – استقرار، وبكركي لكل لبنان، وصدحت في الصرح أناشيد وطنيّة ودينيّة كما تمّ رفع الأعلام اللبنانية فقط، وحضر إلى الصرح مواطنون من كلّ المناطق والمذاهب والطوائف، مؤيّدين حياد لبنان والذهاب نحو مؤتمر دولي لإخراجه من أزمته.

فأمام هذا المشهد الجماهيري، اعتبر البطريرك الراعي، أننا نواجه محاولة إنقلابية على كل ميادين الحياة العامة على المجتمع وعلى ما يمثّل وطننا من خصوصية حضارية، وعلى وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في إتفاق الطائف.

وقال الراعي، طالبنا بمؤتمر دولي لكي يجدد دعم النظام الديموقراطي، وإعلان حياد لبنان فلا يعود ضحية الصراعات والحروب وارض الانقسامات بل يـتأسس على قوة التوازن لا على موازين القوى التي تنذر بالحروب، مؤكدا أن لبنان هو للجميع أو لا يكون.

وشدد الراعي، على أن خروج الدولة عن سياسة الحياد هو السبب الرئيسي للأزمات والحروب التي وقعت في لبنان وأثبتت التجارب بأنه في كل مرة انحاز أحد إلى محور اقليمي اندلعت الحروب وانقسم الشعب، مشيرًا إلى أن الهدف من انشاء دولة لبنان هو خلق كيان حيادي في هذا الشرق يشكل صلة وصل وجسر تواصل بين الشرق والغرب.

وضاف الراعي، لو تمكنت الجماعة السياسية عندنا من إجراء حوار مسؤول لما طالبنا بتاتاً بمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة يساعدنا على حل العقد التي تشل المؤسسات الدستورية.

وحدّد الراعي  موقفه من المؤتمر الدولي بالآتي:

– نريد من المؤتمر الدولي أن يُثبّت الكيان اللبناني المُعرّض جدّياً للخطر وأن يعيد تثبيت حدوده الدولية.

– نريد من المؤتمر الدولي ان يجدد دعم النظام الديموقراطي، واعلان حياد لبنان فلا يعود ضحية الصراعات والحروب وارض الانقسامات بل يـتأسس على قوة التوازن لا على موازين القوى التي تنذر بالحروب.

– نريد من المؤتمر الدولي تنفيذ القرارات الدولية بما يسمح للدولة اللبنانية ان تبسط سلطتها الشرعية على كامل الاراضي اللبنانية من دون شراكة او منافسة.

– نريد من المؤتمر الدولي أن يوفّر الدعم للجيش اللبناني ليكون الوحيد القادر على الدفاع عن لبنان واستعادة القدرات الموجودة لدى الشعب من خلال نظام دفاعي يمسك بقرار الحرب والسلم.

– نريد من المؤتمر الدولي خطة لمنع التوطين الفلسطيني وإعادة النازحين الى ديارهم.

– لا نريد من المؤتمر الدولي جيوشاً ومعسكرات، والمسّ بكيان لبنان وحدوده غير قابلة للتعديل والشراكة والديمقراطية غير قابلة للمسّ.

– نريد من المؤتمر تنفيذ كلّ القرارات الدولية المتعلقة بلبنان وهذا التنفيذ من شأنه إنقاذ لبنان ويمكن الدولة من بسط سلطتها على الأراضي اللبناني من دون أي شراكة أو منافسة.

وأكد الراعي،  أن اي تطوير للنظام اللبناني لا يجوز ان يكون على حساب ما اتفقنا عليه، فالتطوير لا يعني النقض بل التحسين، وحقنا ان نعيش حياة كريمة في وطننا، مضيفًا أنّه مهما طال الوقت لن ينجح احد في ان يقضي على لبنان الرسالة، معلنًا أن كل ما نطرحه اليوم من حياد لبنان وعقد مؤتمر دولي خاص به هو لإحياء الدولة المبعثرة والمعطلة والمصادرة، مشيرًا إلى أنّنا حرّرنا الأرض فلنحرّر الدولة من كل ما يعيق سلطتها وأداءها. وتساءل: “أين نحن ودولتنا من هذه العظمة؟ فلا يوجد دولتان أو دول على أرض واحدة ولا جيوش في دولة واحدة ولا شعوب في وطن واحد.

وأضاف الراعي، نطرح مشاريع حلول لا مشاريع مشاكل، والحلول هي لكل لبنان ولكل لبناني ولبنانية، فالحلّ الحقيقي هو حل لكل الشعب لا لفئة منه دون سواها، مشيرًا إلى أن مجيئكم اليوم من كل مكان يجدد الأمل وأن ما من حق يموت ووراءه مطالب ومواطن ومواطنة ومناضل ومقاوم وثائر وشعب. وقال للحشود، أنتم مستقبل لبنان ولبنان مستقبلكم ولبنان للجميع أو لا يكون ولا تسكتوا عن تعدد الولاءات والفساد وسرق أموالكم والخيارات الخاطئة والانحياز وفوضى تحقيق انفجار المرفأ وتسييس القاضاء والسلاح غير الشرعي، ودعا إلى عدم السكوت عن سجن الأبرياء وإطلاق المذنبين، لا تسكتوا عن التوطين الفلسطيني ودمج النازحين ومصادرة القرار الوطني والانقلاب على الدولة والنظام وعن عدم تأليف الحكومة وعدم إجراء الاصلاحات.