أنطونيوس جلوان
في حمأة الفساد والاغتيالات السياسية والانهيار الإقتصادي والمالي والحجر المنزلي بسبب الوباء العالمي، وفي ضجيج استنكار تفجير مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب من سنة 2020 وبعد تفشيل مهمة القاضي صوان بعزله وكف يده عن الاستمرار باستدعاء بعض الرؤوس (الكبيرة) للتحقيق، أصبحنا في هذه المزرعة أيها الراعي الصالح بحاجة الى صوتٍ مدّوٍ ينقذ لبنان من ضلال بعض الزمر الحاكمة، من الزوال.
في هذه المحنة القاسية من يمكن أن يكون سواك غير خليفة باني الاستقلال مثلث الرحمات البطريرك مار الياس بطرس الحويك ؟
نقلاً عن مجلة “العنفوان” اطّلعنا على مضمون حديثك المسؤول والانساني والموزون في مقابلتك لصحيفة النهار.
لقد آلمنا كثيراً ردة فعل الغريبة لإخواننا الشيعة إثر دعوتك للحياد، وقد جاء في كلامك ما يلي :
” لا خلاص للبنان من دون الحياد، فهو الباب الذي يدخلنا إلى الحل. لبنان أُسِّس على الحياد حتى العام 1969 حين سمح اتفاق القاهرة للفلسطينيين بمهاجمة إسرائيل انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، ومن ثم بدأت الحرب اللبنانية.”
وأضفت ” لبنان حيادي بطبيعته لأنه فصل الدين عن الدولة وهو بلد تعددي وبلد الانفتاح والاقتصاد الحر، وسياسة لبنان الخارجية حتى الثمانينات كانت تستند على فكرة عدم الانحياز وعلى اتفاق الهدنة ولا شرق ولا غرب. “
على ضؤ طرحك هذا صُدمنا بتهديد حزب الله بقرع طبول الحرب والويل والثبور وعظائم الامور ناعتين سيد بكركي بالخيانة والعمالة. ما هذا الاستسهال بالاسفاف والتجني على الكرامات بهذه التهم الكاذبة. صدق من قال” ضربني وبكى، سبقني واشتكى”.
بهذا السياق نريد أن نسأل حزب الله، وبكل محبة وبراءة، هل المطالبة بالحياد برعاية الأمم المتحدة من أجل إنقاذ بلدنا جميعاً، هو عمل خياني، أم التعصّب الأعمى بجعل لبنان جزءاً من ولاية الفقيه، هو الخيانة بذاتها؟
هل ينكر السيد ابواقه من على شاشات التلفاز للتأكيد على انحناءاته أمام الأسياد بالشكر على ما يمنّون عليه من أموال ورزق ومعيشة التي تأتي إليه مباشرة من بلاد أصفهان؟ وبذلك يسعده ويشرّفه بأن يكون جندياً يلتحق بجندرمة ولاية الفقيه؟
هل لأحد أن ينكر بأن نائبه الشيخ نعيم قاسم لا يُفوّت مناسبة إلا ويؤكد استمراره الدؤوب لتحقيق الدولة الإسلامية؟
هل الثنائي الشيعي لم يعترف بالكيان الصهيوني عندما أعلن رسمياً رئيس مجلس النواب موافقته على ترسيم الحدود مع إسرائيل؟ وهل أخذ رئيس مجلس النواب ملاحظات الدكتور عصام خليفة بالاسراع لإجراء اللازم قبل فوات الأوان وإلا أعتبر ذلك خيانة للأمانة بالثروة النفطية الوطنية؟
ابعد من ذلك، هل يمكن إنكار ما تتناقله الأخبار موثّقة بالاسم والتاريخ والمكان، من لقاءات إيرانية إسرائيلية مداورة بين تل أبيب وطهران؟
هل هناك أدنى شك بأن الإمام الخميني هو “وكيل المهدي الغائب” وهو الذي أقام “الجمهورية الإسلامية” على أن تشمل طهران والنجف وبغداد وبعلبك وجبل عامل اللبنانيين؟ ما رأيكم بهذه الصورة المحببة لابناء الدولة المهدوية “قالت النجف: نعم للخميني، فجاوبها الصدى في بعلبك والضاحية والجنوب.
لا نستغرب اليوم بأن فئات واسعة من الشيعة في بعلبك وجبل عامل، تطالب بإنشاء ” الجمهورية الإسلامية ” على أثر تصريح تحريضي أطلقه وزير خارجية إيران السابق علي أكبر ولايتي عن لبنان، لجريدة النهار في 2-3-1987، إذ يقول :”ان كل القيادات السياسية في العالم تحاول ممارسة نفوذها في لبنان ولكن لا أحد يتمتع بالنفود الذي لإيران”.
أيضاً وأيضاً نريد أن نستفهم، هل دعوة غبطة البطريرك للسلام بين اللبنانيين برعاية الأمم المتحدة، وذلك بسبب عدم قدرتنا في هذه المرحلة على الحوار في هذه الظروف لانعدام الثقة بين بعضنا البعض، بدون مطالبة جيوش ولا دولة احتلال أو وصاية، بل فقط من أجل المساعدة على ترتيب أوضاع البيت الداخلي بين سائر مكونات الوطن، هو عمل خياني، أم السعي العلني والفاقع لتمهيد ترسيخ الدولة الشيعية المهدوية التي يعمل لها الحزب، هو الخيانة بامها؟ نريد أن نسأل إخواننا في الثنائي الشيعي : لماذا اليوم، المطالبة بالحياد من قبل البطريرك، هو عمل خياني؟
هل اتفاق الطائف لم يكن تدويلاً؟ هل اتفاق الدوحة لم يكن تدويلاً؟ هل مؤتمرات جنيف ولوزان وغيرها في فرنسا، لم يكن عملاً تدويلياً؟
لماذا كان الرضى في السابق واليوم أصبح عملاً تشوبه الخيانة وتانف منه النفوس؟
ثم أيها الشركاء الكرام، وفي نفس المتابعة، بالله عليكم كيف تسمّون التحقيقات التي جرت في مرفأ بيروت، والمحكمة الدولية في التحقيق باستشهاد الرئيس رفيق الحريري ،ألا هي أيضاً تدخل في إطار التدويل؟
الحياد الذي يطالب به نيافته يهدف إلى اطمئنان جميع اللبنانيين وليس فريقاً منهم. هذا الحياد هو من أجل الحفاظ على هذه “الفسيفساء” المتناسقة بالتنوع والغنية بتعدد الثقافات، والهدف أن نَسْلَمَ جميعاً.
في غمرة هذه الارتيابات، يطرحون موضوع المثالثة، موضوع تهشيلي لعزل المسيحيين واخراجهم وتهجيرهم. هذه التمثيلية أشار لها الصحفي جوزف أبو فاضل في إحدى حواراته الإعلامية عندما أكد على تمثيلية سمجة بين سعد ونبيه، بأن المسيحيين، آجلا ام عاجلا، سيغادرون هذا البلد. إنه تناغم خبيث وسمج. هل هذه المعلومات والالاعيب لا تحمل من اعطي مجد لبنان أن لا يلجأ إلى طرح موضوع الحياد؟
أعود مرة ثانية لنسأل عن سبب عزل المحقق العدلي فادي صوان. ألم يتم ذلك بعدما أكد حزب الله بأن التحقيق في تفجير المرفأ قد انتهى؟ ألم يكن ذلك أيضاً بعد اعتراض المشتبه بهما الغازيين العريضي وزعيتر؟
في ظل هكذا أمر، الا يحق لبطريرك الموارنة أن يسأل عن نتيجة التحقيق الجنائي لجريمة العصر، بعد هيروشيما وناكازاكي، وقد تدمرت مدينة بأكملها؟
لماذا دائماً التشكيك بمواقف رئيس الكنيسة في لبنان؟ هل آن الأوان للتخلّص ممّا تبقى من الوجود المسيحي في الشرق استكمالاً لما بدأه الاءلون في القرن السابع ميلادي للقضاء على الكفر والكفّار والكافرين؟ غبطة البطريرك، بأسم فئات واسعة من أبناء بيعتك، من أعالي جرود لبنان الشمالي إلى اقص جنوبه نؤكد لك بأننا، أمام الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والمالي، المُصَمّم له والمُخَطّط له، نحن قلقون على المصير، أعني مصير المسيحيين الذي بات على كف عفريت بوجود السماسرة والتجار والباعة في سوق النخاسة.
لبنان كارض سيبقى لغير المسيحيين ولكن المسيحيين، باي باي…
المسيحيون كما تعلمهم كنيستهم مسالمون، محبون،ولكن عيشهم لا يمكن أن يكون إلا بحرية مع الآخرين، وبكرامة مع الكرام وبسيادة مطلقة بوطن آمن فيه العدل والاستقرار.
نؤيد طروحاتك الوطنية ونتمنى أن يتكلل مسعاكم بالنجاح والتوفيق بين جميع مكونات وطن الأرز وذلك برعاية اممية لتأمين حياده وصيانة كرامته.
نطلب من الله أن يلهمكم دائماً لنحافظ على وطن مساحته مساحة حرية.
أيها الراعي الصالح أعطيت مجد لبنان فإلى الامام وبالمسيح دائماً وأبداً دوام الإيمان.