أنطوان القزي

 

 

أبناؤك يا مارون، يحتفلون بعيدك اليوم وهم يغرقون، يلوّحون بأيديهم لأي قارب نجاة؟

دعساتهم الناقصة يرتكبونها بملء إرادتهم، أنانياتهم تقودهم الى حروب تنازع البقاء.

بالأمس استوطنوا مرقد العنزة وتغنّوا به ولا زالوا، واليوم تستوطنهم  المصالح والأنانيات الخاصة.

أمس عانوا الإضطهاد ودار القدر عليهم لقرون، فواجهوه وتوحّدوا، واليوم استداروا هم على أنفسهم وراحوا يتواجهون فيما بينهم ويشكون اضطهاداً يمارسونه بحقّ أنفسهم؟!

 

كم نشتاقُ يا مارون وكم نتمنّى ان تخرجهم من حال تقديس الذات والإستعلاء الطاووسي وان  تأسرَنا في كوكبك لنستطيع ان نحلم وان نلمسَ ان في الوطن شهداءَ ننحني لهم وقديسين نؤمن بهم وابطالاً ننتصر معهم.

ما احوجنا اليوم الى اعجوبة منك تهزّ الضمائر، يا من شفى الأمراض الجسدية والنفسية في ذلك الزمان .

أيها الناسك القديس، يا من انزل الرحمة على قاصديه،  أنزل علينا رذاذ الوعي والحكمة، يا مَن اوقف غضب المتوجّسين و المتألمين، إشفِ وطننا من مرضه العضال، دع أبناءك يقفون  الى جانبك بعقول نيّرة ونفوس متعانقة لنزفّ التهاني وتجترحُ بشفاعتك أعجوبة شفاء لبنان، ومَن أقدرُ منك ايها الناسك الملتحف العراء  على اجتراح المعجزات؟.

 

هل نستحق نحن المختلفين ان نحتفل بمَن أرسى أواصر المحبة  وسقى ريحانة الإيمان وعطّر نسيم الشرق ببخور صلاته ؟

هل نستحق نحن الموارنة ان نستذكر من جعل المارونية أريجاً يعبق شذاه في اطراف الكون ؟

هل نستحق نحن المتخاصمين ان نفاخر بأسلافنا الأحبار الذين بنوا الكنائس ورمّموا الاديرة وأسّسوا الرهبانيات وانشأوا المدارس وتعرّضوا للإهانة  والموت والتحوا العراء في عتمة البراري»؟

كيف لنا نحن المشكّكين أن نتوجّه اليكَ اليوم ونحن نتنازع قيادة السفينة وبعدما تجشّمنا المصاعب والمشقات ، رحنا نمارس التصفيات وخضنا حروب “الإلغاء وتوحيد البندقية وصولاً إلى “أوعا خيّك”؟.

كيف لي أنا الماروني المؤمن أن أخبرك كيف يخون أبناؤك تاريخهم، كيف ينظّرون بالطوباوية ويسترسلون في غيّ الشيطنة؟.

كيف لي أن أقسو على قلمي لأبوح لك أنني أنا العائش في المقلب الآخر من الأرض ما زلت أكثر التصاقاً بتلك الربوع وأصدق وفاء لها من المقيمين من ذوي النزوات القاتلة.

كيف لنا أن ندرك الخلاص يا مارون ، وصلوات كل  المؤمنين لا تشفي محدودي البصيرة من نرجسيتهم؟!.

ماذا بقي فينا نحن المستكبرين من شربل الحبيس و رفقا المتألمة و الحرديني المعلّم و الأخ اسطفان المثابر و الكبوشي الإنساني و اسطفان الدويهي العلاّمة والمتواضع حتى التسامي؟

كيف نجرؤ نحن سكان القصور ان نواجه من قضوا الليالي مضطهدينً في المغاور والكهوف، فالتحفوا العراء هاربين وتحملوا الظلم فصبروا وعانوا وتجلدوا بنعمة الايمان؟

.

 

أين نحن من مدرسة روما يوم كانوا يقولون : “أعلم من ماروني”! فماذا نستفيد من كلّ ترجمات ولغات العالم اذا لم نترجم وزناتِ هذا الكنز الروحي لغة محبة واخوّةٍ ووطنيةٍ صادقة فيما بيننا؟

 

اليوم يا مارون تضيق بنا لغات الارض، ونضيق ببعصنا في وطننا!.

اليوم تفخر بنا تلال الكون ولفظتنا تلال بلادنا.. نضيء السراج على كل المفارق، وسراج أهلنا هناك يتنازعه قومُ كانوا يدعون أنهم أمّ الصبي وباتوا صبيانأ يتصارعون بسلاح أطماعهم المتناسلة.

أيقظهم يا مارون ، قل لهم أنّ قمح العشّارين لا يُنبتُ إلا زؤاناُ، وأن وعظهم لا يبث إلا سموماً.

أيقظهم يا مارون وأنقذهم فتنقذ لبنان وتنقذنا جميعاً!.