“ده كان أيام زمان”!؟.
أنطوان القزي
لم تعد تهمّ اللبنانيين الخروقات الجويّة والبحرية الإسرائيلية، ولا تمركز دبابة ميركافا قرب الشريط الحدودي.. “ده كان أيام زمان”، يوم كان اللبناني يستطيع أن يستقل أوّل طائرة متوجّهاً الى باريس أو لندن أو الى ال”كوت دازور”!.
ولم يعد اللبناني يعنيه، سرقة سيارة هنا أو سرقة منزل هناك.. هذا كان قبل أن يسلبوا مدخراته ويحجبوا عنه معاشه!.
لم يعد اللبناني يفرّق بين دواء مزيّف أوغير مرخّص وآخر غير مزيّف ومرخّص، لأن الدواء مفقود ورفوف الصيدليات خاوية!.
لم يعد اللبناني يسأل إذا كان تعليم أولاده عن قرب أو عن بُعد لأن الوباء المستجد دخل كل البيوت وأصاب العائلات في المنازل.
لم يعد اللبناني يشكو إذا أوقفوه أمام باب مستشفى ومنعوه من الدخول، لأن المصابين باتوا يُعالجون في المستوعبات وعلى الأرصفة!.
لم يعد اللبنانيون يخشون أن يفقدهم ال”كورونا” حاسة الشم وقد أقفلت تلال النفايات مداخل مساكنهم!.
لم يعد اللبنانيون المغتربون يحلمون بالعودة على أول طائرة الى بلاد الأرز، فالوباء يستقبلهم غلى باب الطائرة أو في المطار أو في سيارة الأجرة ما يمنعهم من معانقة أحبائهم. “ده كان أيام زمان”!؟.
يقول الصحافي سمير عطالله في صحيفة “الشرق الأوسط” أمس الأول الإثنين:”خلال فترة العطلة في لندن، جاء ابني وابنتي لزيارتنا في بيروت. أغلى وأطيب وأعز حضور في الحياة. لن تصدق هذا الشعور. لكن عندما قالا إنهما قادمان كدت أقول لهما ألا يفعلان. وبعدما جاءا، صرت أعد في نفسي الأيام الباقية لسفرهما. أعدها خائفاً مرتعداً من أن تنفجر الحرب الأهلية، أو المدنية، أو الحرب الكبرى أو المنطقة. ولست أريد لهما أن يكررا على مدى العمر، ما عشته على مدى العمر، في بلد حروبه ليست له، وسلامه لغيره، سماؤه مهانة، وأرضه سائبة.
يعيش الإنسان في لبنان حياة تافهة وخطيرة ومفزعة. بلد معلق على حبال الكورونا، مشافيه متخمة، وأفرانه فارغة، وعملته بائدة، ومصارفه مغلقة، وسياسيوه فاجرون، إن “حكوا، وإن صمتوا، وإن حضروا، وإن غلبوا