ماكرون المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني، الذي عُقد في باريس عبر الفيديو، بدعوة منه، وترأسه كل من ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مساء أمس الأول الأربعاء، بحضور رؤساء دول ومنظمات دولية وصناديق متعددة الأطراف ومنظمات غير حكومية وفاعليات المجتمع المدني اللبناني.
وكرّر ماكرون مطالبته السلطات اللبنانية بإجراء إصلاحات وذلك في افتتاح مؤتمر دولي ثان لدعم لبنان بعد مرور أربعة أشهر على انفجار مرفأ بيروت وفي توقيت تتواصل فيه خلافات المسؤولين اللبنانيين.
ويرزح لبنان منذ عام ونيّف تحت وطأة أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية خانقة.
وإلى جانب التدهور الحاد في قيمة العملة الوطنية والتضخّم المفرط، لا يزال لبنان منذ أكثر من ثلاثة أشهر من دون حكومة بعدما استقالت حكومة حسان دياب على خلفية الانفجار الذي دمّر أجزاء كبيرة من العاصمة. وفي كلمته الافتتاحية، تحدّث ماكرون عن حصيلة مؤتمر أول لمساعدة لبنان بعد انفجار المرفأ عقد في التاسع من آب، ثم ندد بسلوك المسؤولين اللبنانيين الذين لم يفوا بتعهّداتهم تشكيل حكومة والبدء بإصلاحات هيكلية مشروطة بها المساعدات للبنان.
وأكد أنه سيزور لبنان مرة جديدة في كانون الأول لحضّهم مجدّداً على الوفاء بتعهّداتهم.
وقال ماكرون: «لم يتم الوفاء بالتعهدات»، مضيفا أنّ «كل المؤشرات تدل على أنها كانت مجرّد كلام».
وأشاد بوفاء الجهات الدولية بالتعهّدات التي قطعتها في المؤتمر الأول الذي «جمع أكثر من 280 مليون يورو، ما ساهم في التصدي جزئيّاً للاحتياجات الفورية».
كما أكد أنّ «20 بالمئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر».
وقال إنّ المساعدات شملت خصوصاً «12 ألفاً و500 طن من الطحين تم توزيعها، أي ما يعادل 80 بالمئة من المخزون الذي تلف (خلال انفجار المرفأ حيث إهراءات القمح)، و73 ألف شخص حصلوا على مساعدات مالية، وتم نشر نحو عشرين فريقا طبياً نقالاً وتم توفير مأوى لـ25 ألف شخص كما تلقّت 90 مدرسة لوازم قرطاسية. هذا كثير لكنه غير كافٍ».
وأنشأ البنك الدولي و الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي صندوقاً لمساعدة البلاد على التعافي بمشاركة المجتمع الدولي.
وقال ماكرون إنّ «هذا الدعم لا يمكن أن يكون بديلاً من تعهّد القوى السياسية اللبنانية تشكيل حكومة بأسرع وقت وتنفيذ خارطة طريق للإصلاحات، من دونها سيتعذّر إطلاق المساعدة الهيكلية الدولي».
وأكد ماكرون التمسّك بالوعود وبتنفيذ التعهّدات «سواء في ما يتعلّق بالإصلاحات أو بالتحقيق في الانفجار».ويوم الثلاثاء، نبّه البنك الدولي إلى أن الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان جعلت الاقتصاد عرضة «لكساد شاق»، وصفه بـ»المتعمد» مع إخفاق السلطات في احتواء الانهيار، داعياً إلى تشكيل حكومة تنكبّ على تنفيذ برنامج إصلاح شامل على وجه السرعة.
الرئيس عون
وقبل القائه كلمته، استمع الرئيس ميشال عون والمشاركين في المؤتمر الى كلمة عدد من الشباب اللبناني المنتمين الى منظمات وجمعيات أهلية وغير حكومية عبّروا عن مشاعرهم ومعاناتهم جراء الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت في آب الفائت.
وقال عون إنّ الشباب اللبناني عبّر عن هواجسه وتجذره العميق ببلده، وامله الكبير بمستقبل لبنان.
خلال كلمته خلال افتتاح المؤتمر الدولي الثاني لدعم لبنان، طلب الرئيس عون من «المجتمع الدوليّ بأسره ألاّ يتخلّى عن بلد الأرز، وما يمثله من ثروة للبشرية جمعاء».
وشكر عون» الرئيس والصديق إيمانويل ماكرون، للدعم القوي والمستمرّ الذي يقدّمه للبنان من دون هوادة. وعلى الرغم من العوائق التي تواجهها المبادرة الفرنسيّة، لا بدّ لها من النجاح، لأن الأزمات التي يمر بها البلد قد وصلت إلى أقصى حد. ونعلم أن «المستحيل ليس فرنسياً».
وفي متسهلّ الكلمة، توجّه عون بالشكر أيضاً إلى «الأمين العامّ للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس والرؤساء الذين أظهروا نيّتهم الصادقة في تقديم العون للبنان وشعبه».
وأكد عون أنّ «الرسالة التي وجّهتها إلى البرلمان عقب توقّف التدقيق المالي الجنائي قد لاقت إقبالاً وإجماعًا عامًّين»، لافتاً إلى أنّ «التدقيق سيبيّن جميع المسؤولين عن انهيار نظامنا الاقتصاديّ، كما سيفتح الطريق أمام الإصلاحات الضروريّة لإعادة بناء الدولة اللبنانيّة».
وأضاف: «إنّني مصمّم، مهما كلّفني الأمر، على متابعة هذه المسيرة حتّى النهاية، لتحرير الدولة اللبنانية من منظومة الفساد السياسيّ والاقتصاديّ والإداريّ التي اضحت رهينة لها، بغطاءٍ من ضمانات مذهبيّة وطائفيّة واجتماعيّة».
وتابع عون في كلمته: «لا شك أنه بإمكانكم أن تقدموا للبنان مساعدة أساسية في هذا الاطار، وذلك عبر الوسائل المتاحة لدى الأمم المتّحدة والاتّحاد الأوروبي، لجهة محاربة سرقة الأموال العامّة، وتعقّب التحويلات غير الشرعيّة لرؤوس الأموال إلى الخارج، وبالتحديد ابتداءً من 17 تشرين الأوّل من العام 2019».
كما أكد أنّ «أولويّتنا اليوم هي تشكيل حكومة من خلال اعتماد معايير واحدة تطبق على جميع القوى السياسية، والمهام التي تنتظرها ضخمة»، مشيراً إلى أنّ «المطلوب من الحكومة العتيدة أن تطلق في الوقت عينه ورشة الاصلاحات البنيوية الملحّة، وإعادة إعمار بيروت، وتطوير خطة التعافي المالي والاقتصادي ووضع أطرها التنفيذية».
وأضاف عون أمام المشاركين في المؤتمر الدولي الثاني لدعم لبنان: «إنّ المآسي الكثيرة التي حلّت بلبنان، والتي يواجهها اللبنانيّون اليوم، تفوق طاقتهم كما تتخطى قدرتهم على الاحتمال. فالصعوبات الاقتصاديّة التي تمرّ بها البلاد أثقلت كاهلهم، وأصابت مدّخراتهم ووظائفهم وهدّدت مستقبل أبنائهم. وفي خضم انتشار وباء كوفيد 19 الذي يمعن ولمّا يزل، في الحاق الضرر على كافة الصعد، بكل دول العالم ونحن من بينها، أتت مأساة انفجار مرفأ بيروت لتضرب قلب عاصمتنا، وتزيد مآسي شعبنا والضرر اللاحق باقتصادنا».
وأكد أنّ «مساعدتكم أساسيّة مهما كانت طرقها أو آليّاتها أو أدواتها وايّاً كانت القنوات التي ستعتمدونها، طالما هي بإشرافكم وإشراف الأمم المتّحدة»، لافتاً إلى أنّ «لبنان يفاوض حالياً البنك الدولي على قرض وقدره 246 مليون دولار لمشروع «شبكة الأمان الاجتماعي- أزمة الطوارئ في لبنان والاستجابة إلى كوفيد 19» على ان تنتهي المفاوضات هذا الاسبوع، ونحن نأمل الحصول على الموافقة العاجلة من مجلس المديرين للبنك الدولي».
وأضاف: «إن المساعدة الدولية أساسيّة وضرورية، خصوصاً وأنّ لبنان ما زال يعاني ويدفع الأثمان الباهظة جرّاء نزوح أعداد ضخمة من السوريّين الوافدين إليه. ومن الملحّ اليوم، أكثر من أيّ وقت سبق، أن يحسم المجتمع الدوليّ قضيّة عودتهم إلى أراضيهم. إنّ بلدنا المستنزف لا يملك البنى التحتيّة ولا السبل المناسبة التي تخوّله الاستمرار في استقبالهم أو حتّى تقديم أيّ دعم لهم».
البنك الدولي
جدّد رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في «المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني» «الدعوة إلى السلطات اللبنانية لوضع شبكة أمان اجتماعي، والانخراط في إصلاحات ضرورية شاملة، ومن بينها القطاع المالي».
وأعلن مالباس أنّ «البنك الدولي مستعد لمساعدة اللبنانيين والمؤسسات في لبنان، بالمساهمة مع مؤسسات ودول أخرى»، مؤكداً «الإلتزام بمساعدة لبنان على تنفيذ بنود خريطة الطريق لإعادة إعمار مرفأ بيروت بشكل أفضل».
الأمم المتحدة
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في «المؤتمر الدولي الثاني لدعم بيروت والشعب اللبناني»، الذي يُعقد عبر الفيدية: «نشدد على أهمية تلبية حاجات اللبنانيين، وخصوصاً منهم الأكثر حاجة الى المساعدة، وإعادة الاعمار بمساندة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي وغيرهما من الدول والمنظمات».
سينتهي هذا الإعلان خلال 21
وأضاف: «علينا أن ندعو وبصوت واحد القيادة في لبنان إلى وضع الخلافات والمصالح السياسية جانباً وتلبية حاجات المواطنين»، مؤكّدأً أنّ «الأمم المتحدة ستواصل دعم لبنان وشعبه في المسيرة الطويلة لاستعادة العافية والاستقرار».
صندوق النقد
أعلنت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، أنّ الصندوق ملتزم بمساعدة لبنان على تنفيذ الإصلاحات الضرورية، لكن البلد مازال بحاجة إلى إطار مالي متّسق واستراتيجية موثوقة لإعادة تأهيل قطاعه المصرفي.
وأبلغت جورجيفا أنّ جهود صندوق النقد لوضع برنامج شامل لتحقيق الاستقرار والإصلاح لم «تقطع شوطاً كبيراً» خلال الأشهر الأخيرة في غياب حكومة لبنانية كاملة الصلاحيات، غير أنّ الدعم العالمي المعروض في المؤتمر مشجع.
لقاء غير مريح
وفي الاطار السياسي، كشفت مصادر سياسية على إطلاع ان لقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع السفيرة الاميركية في لبنان دورثي شيا قبل يومين، لم يكن مريحا، اذ طالبت السفيرة شيا الرئيس بري ان يكون على مسافة ما من «حزب الله».
وعكست المصادر اجواء مفادها ان الادارة الاميركمية ماضية في فرض العقوبات على شخصيات لبنانية داعية الى تنفيذ افضل للقرار 1701 من الناحية اللبنانية، ملمحة الىان واشنطن لن ترضى بأي حكومة يتمثل فيها وزراء من «حزب الله».
وفي سياق متصل، رحبت وزارة الخارجية الاميركية باعلان حكومة لاتفيا انها تعتبر حزب الله في مجمله منظمة ارهابية ودعمها تنفيذ الولايات المتحدة للعقوبات المتعلقة بحزب الله، موضحة ان لاتفيا ابدت استعدادها لفرض حظر سفر وطني على الافراد المرتبطين بحزب الله.
جنبلاط غاضب
حكوميا، وفيما الانظار تتجه الى اللقاء المرتقب بين الرئيس عون وسعد الحريري، والمرجح اليوم الجمعة، او قبل نهاية الاسبوع، اوضح رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، رداً على سؤال عن التواصل بينه وبين الرئيس الحريري، أن لا تواصل بيننا، مستطرداً: «والله انا حكيتو وأريد التحفظ هنا عما قلت له وما سمعته منه». وقال: يبدو انهم يعملون على خلق عقدة درزية وهي غير موجودة. لكن اذا كان الإتجاه وفق هذه الطريقة، فمن الأفضل ان نتعاطى مع الحكومة المقبلة كما فعلنا مع حكومة حسان دياب».
وفي المواقف كذلك، سجل تكتل «لبنان القوي» في بيان اثر اجتماعه الدوري إلكترونيا، برئاسة النائب جبران باسيل، «التباطؤ المتمادي والتأخير غير المبرر في عملية تأليف الحكومة»، مكررا تخوفه من «ربط التأليف بأمور خارجية لا يجوز التذرع بها اساسا لشل البلاد».
وشدد على أنه «لا يزال ينتظر معرفة الأسس التي سيتفق عليها رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة، فيحدد بناء عليها موقفه من دعم الحكومة أو عدمه».
موظفو مستشفى صيدا بلا رواتب!
وفي سياق المطالب المزمنة، وتقاعس المسؤولين عن تلبيتها، وبعد مرور اربعة اشهر من دون قبض رواتبهم، أطلق موظفو مستشفى صيدا الحكومي صرخة الى المعنيين «وزير الصحة ووزير المال والنواب» مطالبين اياهم برفع الظلم اللاحق بهم جراء تأخير صرف الرواتب.
وفي بيان صادر عنهم اشار: موظفو مستشفى صيدا الحكومي انهم «لم يقبضوا رواتبهم منذ اربعة اشهر بالاضافة الى الوضع المأساوي الذي يعيشونه كمواطنين في هذا البلد نتيجة ازمة الدولار وفيروس كورونا.. بينما المفترض ان الذي يتحمل عبء فيروس كورونا في صيدا والجوار ويتحمل الاخطار يجب ان يقبض رواتبه دون تأخير، لكن نسينا اننا نعيش في دولة لا تكترث لجيشها الابيض سوى بالبيانات والمؤتمرات التي لا تصرف بأي مصرف» .
129414
صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1511 اصابة جديدة، و15 حالة وفاة، ليرتفع العدد التراكمي الى 129414 اصابة.