جبران وفنجان عوكر؟!
أنطوان القزي
هل يضرس جبران باسيل اليوم من الحصرم الذي أطعمه عمّه للأميركيين في عوكر سنة 1989 حين أجبر “الجنرال” السفارة الأميركية على الأقفال لتخلو من الموظفين..
بعضهم يقول:”لأن ميّت الأميركيين لا يموت” فهم يردّونها اليوم للجنرال الذي أصبح رئيساً ولكن عن طريق صهره وخليفته السياسي النائب جبران باسيل.
فما بين الرئيس ميشال عون ودايفيد ساثرفيلد، مساعد وزير الخارجية الاميركي ، مساحة واسعة ومزمنة من سوء التفاهم تعود الى نحو ثلاثة عقود تقريباً. فعندما ترأس العماد ميشال عون الحكومة العسكرية الانتقالية بين عامي 1988 و1990 كان دافيد ساترفيلد سكرتيراً ثالثاً ومستشاراً سياسياً في السفارة الاميركية في بيروت، وكان عون وراء قرار اقفال السفارة في ايلول 1989 ونقل طاقمها كله على عجل الى قبرص.
في غياب عون في المنفى، حل ساثرفيلد سفيراً في بيروت ما بين عامي 1998 و2001
وتوالت فصول القصة وأصبح ساثرفيلد مساعداّ لوزير الخارجية وكان تأثيره واضحاّ على الوزير بومبيو وعلى المبعوث الأميركي وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل و على مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر ولأن القرار الأميركي عادة لا يكون “ابن ساعته”، فقد فرمل هؤلاء جميعاً اندفاعة باسيل بواسطة قانون ماغنيتسكي “المبكّل” الذي تمّ وضعه في عهد الرئيس أوباما.
ولأن الأمور بدأت من عوكر ، فهي إلى عوكر تعود، وتوكّلت السفيرة دوروتي شيا الرد على باسيل قائلة أنه كان مستعداً للإنفصال عن “حزب الله” بشروط. وأن المستهدف بالعقوبات هو الشخص وليس اللبنانيين ولا تياره السياسي، وتابعت: «إن حقيقة كون تسمية السيد باسيل قد جاءت في هذا الوقت بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي لا يعني أنه لن يكون ممكنا تسميته بموجب عقوبات أخرى، في وقت لاحق”.
بمعنى آخر، تمارس شيا سياسة التهديد بعقوبات أخرى بحق باسيل.
إلى أن قالت شيا بنغمة فيها استهزاء:” المهم أن باسيل أشار الى رغبته في الطعن بالتسمية في محكمة قانونية في الولايات المتحدة، إنه مرحب به للقيام بذلك والمضي في عملية الاكتشاف المناسبة”.
في النهاية، يعرف أي مسؤول في لبنان أن المعركة مع عوكر لا تطعم خبزاً ، وأنها غير متكافئة، وأن على باسيل بصرف النظر عن صواب العقوبات أو عدمه، الإنصراف الى الشأن الداخلي بكل قواه، ليواجه مع تياره ومع الآخرين أموراُ أهم بكثير من العقوبات، ليواجه الكورونا الزاحفة الى كل بيت، ليفرمل اندفاعة الجوع المستحكم بمعظم اللبنانيين وليساهم في ولادة حكومة جديدة.. فمعاركنا مع الأميركيين محسومة سلفاُ وهي مضيعة للوقت ، لا تشبع جائعاً ولا تدفىء برداناُ ولا توقف وباءً.
الوقت يدهم الجميع ، فلنعدْ الى الداخل ولنسبحْ في بحر الوطن حتى لا نغرق في فنجان عوكر.