عباس صباغ
خلال مهلة معقولة ستولد حكومة الرئيس سعد الحريري الثالثة في عهد الرئيس ميشال عون. الولادة المرتقبة خلال الاسبوع المقبل ترافقها عملية أخذ ورد في محاولة من “التيار الوطني الحر” مع بداية السنة الخامسة من العهد العوني لتحسين شروطه والاستئثار بأكبر عدد من الحقائب المسيحية بعد اعلان “القوات اللبنانية” عدم نيتها المشاركة في الحكومة العتيدة وكذلك استبعاد حزب الكتائب لاسباب عدة. بيد ان الاوضاع الاستثنائية التي تعيشها البلاد بفعل السياسات المتعاقبة للعهود والحكومات منذ العام 1992 وصولا الى حكومة تصريف الاعمال الحالية، مرورا بحكومات التحاصص خلال العهد الحالي وقبله تحت تأثير اتفاق الدوحة لعام 2008، لم تمنع الذهنية الحاكمة من التصرف كأن شيئا لم يحصل، فواصلت الابتزاز منذ تأجيل الاستشارات النيابية ومن ثم حجبها التغطية المسيحية لتكليف الحريري، ومن ثم عاد تكتل “لبنان القوي” ليختبئ خلف رئيس الجمهورية المفاوض الوحيد للحريري لتقاسم الجبنة الحكومية نيابة عن النائب جبران باسيل.
لا تدخّل من “الثنائي”
للمرة الاولى منذ اكثر من 15 عاما لا يبدو الثنائي “امل” و”حزب الله” معنيا بتوزيع الحقائب الوزارية بعدما اتفق مع الرئيس المكلف على آلية محددة قضت في جزئها المعلن بترك حقيبة المال عنده، ولم يكشف بعد عن تفاصيل الاتفاق الذي سيتوّجه لا محالة لقاء بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، وعندها يكون الثنائي قد نأى بنفسه عن التمسك بمطالب حلفائه وترك الامر للرئيس المكلف بالتوافق مع رئيس الجمهورية.
اما الاسباب التي دفعت الثنائي الى انتهاج هذه السياسة فهي كثيرة، منها ان العودة الى السياسات السابقة لن تجدي نفعا لا سيما ان بعض الحلفاء تبين انهم “ناكرو الجميل” واداروا الظهر لما قدمه لهم “الثنائي” أكان في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011 او في حكومة الحريري عام 2019، والمقصود هنا “اللقاء التشاوري” الذي جرى تجميعه على عجل لاستكمال محاصرة الحريري بعد خسارته في الانتخابات النيابية الاخيرة ثلث مقاعده السابقة، اضافة الى ان “الثنائي” غير مستعد لخوض معركة باسيل بعد النتوءات التي اعترت العلاقة مع “التيار الوطني الحر” ومواقف رئيسه المثيرة للجدل وعدم التزامه وعوده الكثيرة وتنصّله من تبادل “الوفاء” مع حليفه الاول، اي “حزب الله”، في اكثر من محطة، منها اجبار وزيرة العدل على احالة القاضي محمد مازح على التفتيش ارضاءً للسفارة الاميركية.
اما السبب الآخر فهو طرح باسيل المداورة بخلاف مضمون المبادرة الفرنسية وتمسكه بها، ما ادى الى اعتذار الرئيس المكلف مصطفى اديب، وبعد ذلك استمر في سياسته واعاد طرح المداورة الشاملة في محاولة لمنع “الثنائي” من ابقاء وزارة المال في عهدته على رغم موافقة الحريري على اسناد تلك الوزارة الى الشيعة.
لهذه الاسباب ابتعد “الثنائي” عن خوض معارك الآخرين “من كيسه” تاركا الامور على ما هي ايذانا بمرحلة جديدة في الثلث الاخير من عهد حليفه عون على رغم “شطحات” بعض المقربين منه بما يخص التطبيع مع تل ابيب.
وفي الخلاصة فإن حكومة الحريري الرابعة ستولد قريبا، وستكون حكومة الستة أشهر والمهمات الصعبة.
الا انه لا بد من الاشارة الى ان شهر العسل بين “حزب الله” والحريري لن يطول لان الخلاف كبير بينهما في ما يتعلق بالورقة الاقتصادية وشروط صندوق النقد الدولي.