بقلم : الأستاذ الدكتور عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا Edshublaq@gmail.com
تم تصنيف مدينتي سدني وملبورن (وربما للسنه الثانية او الثالثة على التوالي) من ضمن أفضل عشره مدن على مستوى العالم من ناحية المعيشة والكثير من دول العالم يعرفون هذه الحقيقة بدليل الهجرات المتسارعة والملحة للوصول الى البر الأسترالي.
المعيشة السهلة أو الهانئةeasy way of living هي مصطلح بيئي اجتماعي حضاري من شأنه أن يوفر الأمان والسعادة للمواطن والمقيم أي كانت سحنته أو لونه بحيث يركز على انتاجيته وموارده بعيدا عن الضغوطات والتوترات بعد تذليل كل الصعاب والعقبات الحياتية اليومية .
والحقيقة أن أستراليا قد نجحت بل وتفوقت في هذا التحدي المستمر بدليل تسيدها للمراتب الأولى في التصنيف أعلاه ! الا أن هذا الامر لم يعجب كل من « حسنين « و « أبو العبد « و « كاظم « بل على العكس فقد تسبب لهم في أزمه حضارية حقيقيه لم يعهدوها من قبل وقد تجاوز كل منهم سن الخمسين !
ومن هنا بدأت الازمه بعد أن استمعت لبعض من حواراتهم المحبطة في أحد مقاهي ليفربول:
مش معقول النظام هنا ! : المعاملة قبلت وانجزت في اقل من 10 دقائق ! لا تعال بكره ولا جيب شهود ولا ورقه من العمدة ولا حتى … أهرش ! والثاني قال كنت اتنقل بين الولايات بالشورت ورخصه القيادة ولم أحصل بعد على الجنسية ولم يستوقفني أحد ولم يطلب مني أحد ورقه التنقل من الكفيل أو صاحب العمل! طبعا هناك حوارات أخرى لم نرغب في ذكرها بالإضافة الى توفر الخدمات الأساسية والبنى التحتية والفوقية من شبكات مياه وكهرباء وصرف صحي واحترام الناس بعضها البعض وغيرها من مقومات الحياه الكريمة للبشر. المهم كانت المحصلة في النهاية هي عدم وجود روح التحدي في مقاومه البيئة الصعبة أو النكده التي تعود عليا « حسنين « ورفاقه من التفنن في أساليب الرشوة والوساطات والمحسوبيات وغيرها لإنجاز المعاملات في البيئة الام قبل الهجرة .
الكثير من المهاجرين العرب وغير العرب الذين لم يتعودوا على نظام البيئة السهلة في أستراليا تجدهم في صدام حضاري عند وصولهم وسرعان ما تزول بمرور الوقت ولكن يبقى الجدل القائم لدى البعض : هل البيئة المستفزة النكده أفيد للتفكير والتحدي والعصف الذهني ( إيجاد الحلول الصحيحة والملتوية ) أم هي لصالح البيئة السهلة المتكررة أو الرتيبة و المملة في بعض الأحيان والتي تبعد الانسان عن فطره التفكيرالجدي وتحدي المستقبل وربما قد نجحت أيضا استراليا في
التركيز على المعاملات الإلكترونية وبيئة الا ورق لمعرفتها التامة بسلوكيات المهاجرين ونفسياتهم في التعامل وقبول الاخرين نتيجة اختلاف الثقافات والعرقيات والخلفيات الحضارية وخصوصا في بداية الامر.
ربما نترك هذا النقاش للقراء للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم والله المستعان.