حضّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الرئيس المكلف سعد الحريري على «تخطي شروط الفئات السياسية وشروطهم المضادة، وتجنب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهية السياسيين والطائفيين»، داعياً إياه الى «التزام بنود الدستور والميثاق فقط، ومستلزمات الإنقاذ، وقاعدة التوازن في المداورة الشاملة وفي اختيار أصحاب الكفاية والأهلية والولاء للوطن، حيث تقترن المعرفة بالخبرة، والاختصاص بالاستقلالية السياسية».
كذلك دعاه في عظة قداس الاحد في كنيسة السيدة في بكركي، الى «الحذر من الاتفاقات الثنائية السرية والوعود، فإنها تحمل في طياتها بذور خلافات ونزاعات على حساب نجاح الحكومة»، و»ألا يضع وراء ظهره المسيحيين»، مذكراً بما كان يردد المغفور له والده: «البلد لا يمشي من دون المسيحيين». وهذا تنبه فطن وحكيم، فالمسيحيون لا يساومون على لبنان لأنه وطنهم الوحيد والأوحد، وضحوا كثيرا في سبيل إيجاده وطنا للجميع، وما زالوا يضحون».
ومما قال: «أنتم هذه المرة، خلافا لكل المرات السابقة، أمام تحد تاريخي وهو إعادة لبنان إلى دستوره نصا وروحا، وإلى ميثاقه، وإلى هويته الأساسية الطبيعية دولة الحياد الناشط، أي الملتزمة بناء سيادتها الداخلية الكاملة بجيشها وقواها العسكرية، والقائمة على سيادة القانون والعدالة، والممسكة وحدها بقرار الحرب والسلام، والمدافعة عن نفسها بوجه كل اعتداء خارجي بجيشها وقواها الذاتية، والفاصلة بين الحق والباطل. دولة حياد ناشط في تعزيز لقاء الثقافات والحضارات والأديان وحوارها، وفي الدفاع عن حقوق الإنسان والشعوب لا سيما العربية منها. ودولة حياد ناشط تنأى بنفسها عن الدخول في أحلاف وصراعات وحروب إقليمية ودولية. هذا الحياد الناشط هو المدخل الضامن إلى الوحدة الداخلية وإلى الاستقرار والنهوض الاقتصادي والمالي والإنمائي والاجتماعي.
تطلع يا دولة الرئيس، مع فخامة رئيس الجمهورية بعين واحدة: إلى بيروت المدمرة التي يجب إعادة إعمارها، وإلى نجاح مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، مصير النفط والغاز وتأمين مردوده إلى خزينة الدولة؛ وإلى مواكبة المبادرة الفرنسية والإشراف على المساعدات والهبات الآتية من الدول الخارجية.
أما الآن وقد انتهت استشارات التأليف، والمطالب اتضحت، وحاجة البلاد معروفة، وحالة المنكوبين المأسوية ضاغطة، وشروط الإنقاذ الدولي صريحة، فلا يبقى سوى العجلة في تشكيل الحكومة. والعجلة هذه المرة من الله. فلا تخيبوا مرة أخرى آمال اللبنانيين والمجتمع الدولي».
على صعيد آخر، تبدأ اليوم أعمال سينودس الكنيسة المارونية برئاسة الراعي وتستمر لغاية ظهر السبت المقبل.