كمال براكس
انه كان يكره الحروب وقسوتها ويندد ببشاعتها , وسمَّاها فظائع الأبالسة . وكان في صباه قد اشترَكَ في الحملة على الثورة الفرنسية , التي تمخَّضت عن الجمهورية الفرنسية الأولى . وكان “جيته” يرغب في السلم العالمي , وكان في شبابه ألَّفَ قصة (أحزان ورتر ) التي ازدهرت كأشتهار قصة ( هلواز الجديدة )
“لروسو” وكانت نفسه تدعو الى العاطفة والرغبة في الخبرة , وهذا الصراع كان في كل الأمور , من اجل ذلك كان اديباً وعالماً , كما كان يميل احياناً الى الشعر الفلسفي او الى الخيال الرمزي , وانه كان يشعر بلَّذة فَنِية في تجربة كل نوع من الثقافة والأدب , واستخلاص الحكمة الصائبة من تجارب الحياة .
كانت روحه سماوية تَخَّطت حدود وطنه , وأحتضنت العالم . حتى انه أبَى ان يكره الفرنسيين في عهد نابوليون عندما
غزوا المانيا . “كلماته ونظراته عن الحياة هي “ ( كل انسان له اخطاؤه , وصفات نقص وعيوب , لولاها ما وُجِدت شخصيته التي يمتاز بها , ومن اجل ذلك نأنَس الى أخطاء وعيوب الآخرين , اذ لولاها مُحِيت شخصيتهم وصاروا اناساً عاديين , فأن الحياة مثل غرفة عُلِّقت صور على جدرانها , فاذا ازيلت بعضها من مكانها , أحسسنا بقلق شديد , هو شبيه بسرساب التشاؤم وبالأمر غير
المألوف , وكأن ازالتها من مكانها نذير بالشؤم والموت والفناء .)
( الأنسان قلَّما يستطيع ان يدرك مقدار اساءة الناس , لأن كلامهم يَمُّر خلال احساساتهم وخوالج نفوسهم , ولو استطاع الأنسان ان
يدرك مقدار اساءة الناس لَتَجَّنَب كثرة الكلام )
( ان الرجل المعجب بنفسه , عن طريق وسائل كثيرة , واذا مُنِع من بعضها استَحدَثَ اخرى , فانه يُظهر في ضحكه او ابتسامه انه مسرور بحاله وانه راضِ عنها) ( مِمَّا يَدل على عجز الناس ان كثيراً منهم , اذا واجهتهم الناس بعيوبهم , يتحَّملون النتائج على تلك العيوب )
( من الغريب انك تَجِد شباناً انك لا تكاد ترى فيهم موضع نقص
يصلحهم , ولكن اندفاعهم الى مجاراة تيار الناس يجعلهم كالسفينة التي تتقاذفها الأمواج .فينقاد لتيار الناس ولعدوى خصالهم )
( من الناس من لا تَّتَفق طباعه لأي بيئة او مكانة , من أجل ذلك ينشأ صراع مخيف في النفس الذي يُضَّيِّع الحياة سدى , ويَقضي على مَسَّراتها
( ان الحق والباطل ينبعان من منشأ واحد في النفس , وكثيراً ما يكونان مُتَّصلين فيها اتصالاً كبيراً , من أجل ذلك ينبغبي الحذر أذا اردنا محو الباطل من محو الحق معه )
( مما يدعو الى الأسى ان الناس يزهدون في الحق وهم لا يستطيعون تطبيقه في الحياة , وانجاحه وتحقيقه , وهو يبعث الزهد فيه ما دام يِكَّلف النفس ألماً ومشَّقة ) ( اذا بدأَ الأنسان يُنجز قيد ضميره بالعمل ومشتقَّاته , اما اذا تَريَّث وجعل يُفَّكر , فأنه يُعطي لضميره فرصة لأستعادة حريته )
( اذا أصغَيت الى انسان , فأنه قد يكون مخطئاً بكلامه , ومهما
حاول الأنسان التَّخلص من أثر قولِ من حوله يَجِد مَشَقّة او استحالة )
( اذا أستحسَنَ الناس مبدأً او رأياً في الحياة واعتنقوه , لا تلبث محاسنه مع مضي الزمن ان تزول )
(معرفة الخطأ اسهل من الوصول الى الصواب , فليس كل معرفة للخطأ تؤَّدي الى الصواب , فأن الخطأ يوجد على سطح الأمور , اما الصواب المجهول فلا يستطيع كل انسان البحث عنه ) (من يفصح عن حقائق نفوس من يصف من الناس حتى صفات الأشرار منهم , اّلا بأن يضع نفسه مكانهم , عندها يستخلص حقائق نفوسهم
ان الكفاح بين القديم الموجود , وبين الأصلاح والتجديد , كفاح دائب ابداً )الحرية
المطلقة امر غير مرغوب فيه , فلا عيش ولا صلاح للناس معها . لأن الناس اذا عتقوا من كل القيود , تحرَّروا ايضاً من الخطأ .وهم ايضاً اذا طلبوا الحرية المطلقة , الاَّ بعد ان يكوُّوا بنارها .) ( ليست الثروة ان تكون ذا مال كثير , بل ان تخلو نفسك من توقع الحاجة , ومن خشية الفقر . فمن استطاع ان يخلي نفسه من هذه الخشية , لم يكن فقيراً واذا لم يستطع كان فقيراً )
( كل عمل يراه الرجل الضيق الذهن , حرفة او صَنعة او مهنة ,
يراه الرجل العظيم فنَّاً جميلاً . واذا عمل الأنسان عملاً واحداً بصدق واتقان , كان عمله مرآة , يرى فيها صورة كل ما يمكن عمله )
( لكل انسان عمل يشبه طبعه وطريقته , فاذا حاول الأنسان ان يعمل ما ليس في طبعه ونفسه , أَخَّلَ ولم يحسن العمل )
( التجارب والخبرة لا حَّدَ لها , اما النظريات فمحدودة بحدود العقل )
( ان اغلاط المرء في الحياة قد تُكلفه عناءً كثيراً ,
وتوقع به ضرراً بالغاً , ومع ذلك فالشبَّان خاصة يندفعون الى امثال تلك الأغلاط , ولا يعرفون ما هو مُخبَّأ لهم )
( لا يستطيع الأنسان ا
ن يعيش من غير سلطة مسيطرة على حياته . ومع ذلك فأن هذه السلطة فيها من الخطأ قدر ما فيها من الحق والصواب )
( الحصاد أشَّق من نثر البزر
في الزراعة , وكذلك في الحياة تزداد المشاق , كلما قارب الأنسان هدفه الذي يسعى اليه , وكذلك في الفنون كلما ألَّمَّ بها الأنسان وتَفَقَّهَ فيها عرف صعوباتها ) ( السعادة هي الأستسلام لمشيئة الله , فَنَتَّقَّبل كل ما يصيبنا كأنه ناشئ من ارادتنا )