قال الكتاب المقدَّس:«وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ يَا إِبْرَاهِيمُ.فَقَالَ هأَنَذَا.فَقَالَ خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ إِسْحَاقَ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ. فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ…وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ اجْلِسَا أَنْتُمَا ههُنَا مَعَ الْحِمَارِ وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجعُ إِلَيْكُمَا. فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ حَطَبَ الْمُحْرَقَةِ وَوَضَعَهُ عَلَى إِسْحَاقَ ابْنِهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ النَّارَ وَالسِّكِّينَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا. وَكَلَّمَ إِسْحَاقُ إِبْرَاهِيمَ أَبِاهُ وَقَالَ يَا أَبِي. فَقَالَ هأَنَذَا يَا ابْنِي. فَقَالَ هُوَذَا النَّارُ وَالْحَطَبُ وَلكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي…فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ…بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ.فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ! إِبْرَاهِيمُ.فَقَالَ هأَنَذَا فَقَالَ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي. فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ»(تكوين22).
نجَحَ إبراهيم في الامتحان الأول يومَ أمَرَهُ الرَّب قائلاً:«اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ»(تكوين12). فذهبَ وعاشَ غريباً مُكتفياً بمحبّة الله ودُعِيَ خليل الله (2أخبار7:20). ماتَ ولم يمتلك الأرض، فقالِ الوَحِيُّ:«بالإيمان إبراهيم لما دُعيَ أطاعَ أن يخرج إلى المكان الذي كان عَتِيدَاً أن يأخذَهُ مِيرَاثاً فخرجَ وهو لا يعلم إلى أينَ يأتي. بالإيمان تغرَّبَ في أرض الموعِدِ كأنها غَرِيبةٌ سَاكِنَاً في خِيَامٍ مع إسحَق ويعقوب الوَارِثَينِ معه لهذا الموعدِ عَينِهِ. لأنه كان ينتظرُ المدينة [السَّماوية] التي لها الأَسَاسَاتُ التي صَانِعُهَا وبَارِئُهَا الله» (عبرانيين 11).
ونجح إبراهيم بامتحانات أخرى مُبرهناً بجدارة إيمانهُ العَمَليّ فنجحَ بأصعب امتحان:«خُذْ ابنكَ الذي تحبُّهُ إسحَق واصعدهُ مُحْرَقَة».كان عليهِ أن يختار بين الله خليله وإسحَق حبيبه. لكنه بَكَّرَ صَبَاحَاً وسارَ ثلاثة أيام (90 كيلومتر) من بئر سَبْعٍ إلى جَبَلِ المُرَيَّا. هناك في جبل المريّا بعد زمان طويل بنى سليمان هيكل الرب وهناك أيضاً صُلِبَ المسيح ليفتدي البشرية الهالكة بالذنوب والخطايا. حاولَ إبليس شحن أفكار إبراهيم بِسُمُومِ العصيان ليقنعه بأن الله قاس إذ طلبَ منهُ أمراً فظيعاً لكنه صَمَدَ وبَنَى مَذْبَحَاً ورَبَطَ إسحَق ووضعه فوق الحطب. وحاولَ إبليس المستحيل لمنعِ المسيح من إتمام الفِداء لخلاصنا فتحدّاهُ برؤساء الكهنة والشعب لينزل عن الصليب، فيؤمنوا بهِ (متى39:27). أمّا الرب يسوع فأكملَ العمَل بالتمام وصارَ الأمر متروكاً لنا لنتوب ونؤمن بهِ لمغُفرة خطايانا. لم يخطر ببال إبراهيم بأنه قامَ بدَوْرٍ سامٍ يُشِيرُ للآبِ السَّماويّ حينَ يُقَدِّم المسيح ابنهُ الأزلي بعد 4000 سنة. من بعيد رأى إبرَاهيم جَبَلَ المُرَيَّا الذي يعني جَبَل المُرّ والآبُ رأى تَلَّةَ الجُمْجُمَة قبل تأسيس العالم “جَبَل المُرّ الحقيقي” حيث مات المسيح هناك. تنبّأ الأنبياء بأن المسيح سيأخذ جَسَدَاً من العذراء ليكون ذبيحةً طاهرة ليرفع خطية العالم. قال الوَحِيُّ:«عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ دَمِ الْمَسِيحِ مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ» (1بطرس18:1).
الإيمان يتبرهن بالعمل-قال الوحي:«ألم يَتَبَرَّرَ إبرَاهيم أبونا بالأعمال إذ قَدَّمَ إسحَق ابنهُ على المذبح. فنرى أن الإيمان عمل مع أعمالهِ وبالأعمال أُكمِلَ الإيمان. وتمَّ الكتاب القائل فَآمَنَ إبرَاهيم بالله فَحُسِبَ له بِرَّاً ودُعيَ خليل الله»(يعقوب2). أيضاً:«بالإيمان قَدَّمَ إبرَاهيم اسحق وهو مُجَرَّبٌ. قَدّمَ الذي قبِلَ المواعيد وحيدهُ. الذي قِيلَ له أنه باسحق يُدعى لكَ نَسْلٌ [المسيح]. إذ حَسِبَ إبرَاهيم أن الله قادرٌ على الإقامة من الأموات أيضاً»(عبرانيين11).
الإيمان يتنقّى بالامتحان-الله يُجيزنا بامتحانات قاسيّة لِنَنْمُو ونتقوَّى بالإيمان.قال الوحي:«أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ بِإِيمَانٍ لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ. الَّذِي بِهِ تَبْتَهِجُونَ مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ إِنْ كَانَ يَجِبُ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ»(1بطرس6:1). نحنُ نَمْدَحُ نَقَاوة الذهب “الفاني” لكن عند انقضاء الدّهر سيَمْدَحُ الرَّب إيماننا النقيّ الذي اجتاز بِضِيقَاتٍ كثيرة لمجدهِ. ملاحظة: الله لا ولم يطلب ذبائح بشرية لكنهُ امتحنَ إبراهيم لنأخذ بهِ درساً. علماً أنه لا يقدر أحد أن يفدي أحداً آخر لأن الكل أخطأ. وحدهُ المسيح بلا خطيّة وذبيحته تغفر الخطايا. وحدهُ المسيح جَمعَ الألُوهَة مع الإنسانية بشخصهِ الكريم. وموته عنّا برهان عظيم يُظهرُ محبة الله لنا التي تجلَّت فوق الصليب *** نُصَلِّي:«أيُّها الرَّب يسوع اغفر خطاياي بِدَمِكَ واملأني بروحكَ وامنحني حَيَاة أبدية بنعمتكَ فأحيا لمجدكَ بِالبرِّ والقَدَاسَةٍ طيلة أيام حياتي». وأخيراً أُهْدِي للآبِ والابنِ والرُّوح القُدُس الإلهُ الوَاحِدُ المُثَلَّث الأَقَانِيم الإكرام والسُّجُود والتَّعَبُّد الآنَ وإلى أَبَدِ الآبِدِينَ، آمين.
مع مَحَبَّة المسيح: راعي كنيسة غيلفورد العربية المعمدانية/ سِيدْنِي، القس الدكتور جُون نَمُّور
130-132 Orchardleigh st Guildford 2161, Ph 96320300, HYPERLINK ”
http://www.arabicbaptist.net” www.arabicbaptist.net