عندما يشق الهزيع الأخير أقباس الصباحات، وفي وقت مستقطع بين التثاؤب والنعاس، تدقّ الأحلام أبواب اليقظة لتطلق إيمان السيّد «نزلاء المنام».

لا شموس تمحو حبر الليل، ولا ستارة تُسدَل على فصل أخير، فالأبطال عائدون، يبنون مسرحهم خلف الجفون، يأسرون المساءات ويتسمّرون أمام ألف حلم وكابوس.، وإذا كان كلام الليل يمحوه النهار، فإن ضجيج «نزلاء المنام» يصل إلى أطراف الظهيرة.

..» أنا أحرص على الإنسانية وأعشق السلام، وأرى أن لكلّ إنسانٍ وقْعٌ وأثر على هذه الأرض..حتى الأثر السيّء قد يحرًك فيك شعوراً نحو الخير»، وتضيف الكاتبة أمان السيّد صاحبة هذا الكلام :

« إن الرسالة العامة من كتبي وقصصي هي تسجيل مواقف بالتصريح أحياناً وبالتلميح أحياناً أخرى عمّا يعتري المجتمع من أخطاء وشوائب وثغرات».

أمان السيد التي ستوقّع كتابها «نزلاء المنام» في العشرين من الشهر الجاري في صالة البلفيو في بانكستاون، تغزل فساتين الوقت وتفكّ أزرار المكان لتنطلق الى المدى الأوسع في بحر الكتابة  وتبسط مروج الكلمات لتفرد موائد السطورلنضارة  نتاجها المشرّع على النباهة  والدلالات العميقة، كما تتقن جدل ضفائر السرد المفتوح على التأويلات اللمّاحة.

ولأنها لا تقرأ لكاتبٍ أحد، بل ترود كلّ الألوان والإتجاهات لتكوّن فكرة شاملة عن مرايا الأدب، ولأنها تقرأ أدباً عربيأ وآخر عالمياُ بشقّيه الغربي والشرقي، فهي باتت تمتلك إناء إنسانياً مشبعاً بالثقافة وامتداداتها.

ولأن جدّها كان كاتباً معروفاً ، ولأن والدها ووالدتها كانا مدرّسين ، كان طبيعياً أن تستقلّ أمان السيّد قطار سيبويه عند محطته الأولى.

انهت أمان المرحلة الثانوية في اللاذقية وحصلت على إجازة باللغة العربية سنة 1980من جامعة تشرين في المدينة ذاتها سنة،  كما حصلت بعد سنتين على إجازة تأهيل تربوي من كلية التربية في دمشق.

بدأت تمارس التدريس وهي على مقاعد الجامعة وتخلل هذه الفترة سفرها الى ليبيا (1983-1984) حيث عملت في (صوت الوطن العربي الكبير).

سنة 1998 غادرت الى دولة الإمارات العربية بعدما انتدبتها الحكومة السورية لتدريس اللغة العربية في مدارس الإمارات. وهناك فُتحت أبواب الأدب والثقافة على مصراعيها أمام قلم وفكرأمان السيّد ، تحفّزها ثلاثية الطموح والموهبة والعزيمة.

فشاركت في المنتديات الثقافية وكان لها عامود ثابت في صحيفة «الرؤية» الإماراتية بعنوان

«نوافذ بحرية» وكرّمتها الصحيفة بعد كتابة مقالها الأول بعنوان «نمنمات انسانية».

كما كتبت في صحف

« الإتحاد» و»الخليج»

و «البيان» و»الصدى»

و «الشروق» الثقافية

و «المراود» وغيرها.

في هذه الفترة ( سنة 2010) وقّعت كتابها «سيراميك» في مصر وحازت على جائزة الدرع الذهبية  بعد فوزها بجائزة نجيب محفوظ للقصة القصيرة من مؤسسة الكلمة.

وتتحدث أمان عن كتبها وكأنها تحتضن ماضياً عابقاً بألق الكلمة تستعيده ليوقظ فيها الأراجيح المدلاة من أكمام الغمام تمنح الأرض طيباً ورذاذاُ.

الكتاب الأول : «قدري أن أولد أنثى» سنة 2008 وهو عبارة عن قصص قصيرة يسوقها سردٌ غنيّ، وترى أمان بتسميته «أن الأنوثة هي حساسية مرهفة وليس تدليلاً على جنس المرأة وحسب».

الكتاب الثاني: « سيراميك» 2010 والإسم مستوحى من لوحة تعني لي كثيراً وتتمحور القصة بين فنان تشكيلي وامرأة كاتبة.

الكتاب الثالث: «ذكورة المنافي» سنة 2011 ، وكل أبطاله من الرجال، ولكل رجل مشكلته. ولدت فكرة الكتاب في إحدى الجلسات حيث استرعى انتباه الكاتبة رجل يعرض مشكلته أمام الحضور. وأوحى لها بعنوان الكتاب.

الكتاب الرابع: «أبعد من القيامة» سنة 2014 وهو مجموعة قصص ونصوص قابلة للتأويل كمال تقول الكاتبة ، تأثرت فيه أمان بالأحداث السورية وما رافقها ويرافقها من قتل ومآسٍ  صدر عن مجلة «الرافد».

الكتاب الخامس : «نزلاء المنام» صدر سنة 2019 عن دار جرّوس في بيروت أثناء إقامة الكاتبة في سدني. وهي التي وصلت الى أستراليا سنة 2015 وتقول « بعد انتهاء مدّة إقامتي في دولة الإمارات ونظراً للأوضاع السائدة في سوريا قررت الهجرة الى أستراليا».

«نزلاء المنام» هو عبارة عن الأحلام التي كانت تحضر الكاتبة أثناء نومها وهي أشبه بالكوابيس « ممّا استدعى تدوينها في اليقظة».

وسنة  2017 ترجمت الطالبة الايطالية المستشرقة ماريا دوكاروليس أعمالاً شعرية وقصصية لأمان السيد الى اللغة الايطالية وكانت محور رسالتها في الدكتوراه ونشرت الأعمال الادبية المترجمة في صحف ايطالية.

ولأن أمان تؤمن بأن الرسالة الأدبية لا يحدها وقت ولا تؤطّرها ظروف، فهي أعلنت أن لديها على الطريق أكثر من ديوان شعر.. وأنها في صدد الاعداد و التدقيق لكتاب مطوّل تجمع فيه مقالات لعدة كاتبات وصحافيات عربيات يقطنّ في أنحاء مختلفة من العالم مضمونه «مأساة الأيزيديات مع تنظيم داعش في الأسر والمتاجرة بهنّ وسيصدر الكتاب في هولندا بلغات عديدة منها العربية…  وعندما تسألها متى يتعب القلم .. تبتسم وتقول

«ما دام هناك مياه تتفجّر من الينابيع، هناك صبايا يحملن الجرار؟!.

الكاتبة إيمان السيّد زارت مكاتب «التلغراف» برفقة منسقة حفل توقيع كتابها سو بدر الدين وهي مديرة مركز غرب سدني للخدمات الإجتماعية ومسؤولة الإعلام فيه.