رمى العهد كرة النار والانهيار عبر الاستشارات النيابية الملزمة إلى الكتل البرلمانية، سواء في صف الحلفاء الفعليين أو المفترضين، أو صف المعارضة، بدءاً من نادي رؤساء الحكومات السابقين إلى من بقي من مكونات 14 آذار في المجلس النيابي، بعد استقالة كتلة نواب الكتائب مع النواب المستقلين، في محاولة واضحة لرفع تبعة هدر الوقت، واطاحة الفرص المتاحة، لمساعدة لبنان، وإخراجه من دوّامة الانهيار، والانتظار مع تجديد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان تحذيره مجدداً من تفكك لبنان ، لا بل من زواله، ان لم تشكّل حكومة سريعاً، ولم تجرَ إصلاحات هيكلية.
ولئن كان الرئيس ميشال عون أبلغ الرئيس نبيه برّي، بصفته الدستورية كرئيس لمجلس النواب، فإن اتصالاً سيحصل (أو حصل) مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لابلاغه بتجدد الجهود لتأليف حكومة جديدة، بعد اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب عن تأليف الحكومة في 26 أيلول الماضي.
وتأتي هذه الخطوة، وسط تجاهل المجتمع الدولي للانهيارات المتتالية، على مستوى مواجهة تفشي فايروس كورونا، مجتمعياً، في نموذج لبناني، يشبه بل يزيد على عمل الجائحة في إيطاليا إذ سجل العداد 1459 إصابة، في أعلى رقم تسجله وزارة الصحة منذ ثمانية أشهر..
وباكر الرئيس عون بحسم أمره وحدّدَ الخميس المقبل 15 تشرين الاول الجاري، موعداً لاجراء الاستشارات النيابية لتكليف شخصية تشكيل الحكومة الجديدة. وذلك بعد اتصالٍ اجراه بالرئيس بري اطلعه خلاله على موعد الاستشارات، وان مهلة الاسبوع ستكون فرصة لتقرّر الكتل من تريد أن تسمي. ما يعني حسب مصادر بعبدا، انه أعطى فرصة اسبوع اضافية للمشاورات بين القوى السياسية لحسم امرها ايضاً والتوافق على اسم الرئيس المكلف وشكل الحكومة وعناوين برنامجها، وان الرئيس عون لن يعترض على من تُسمّيه اكثرية الكتل بل وضع الجميع امام مسؤولياتهم.عدا عن انه اتاح فرصة جديدة لإستكمال المبادرة الفرنسية التي جمدها الخلاف ولم يُلغِها.وتردد ان عون سيتصل بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليضعه في صورة القرار وخلفياته.
ووفقاً لدوائر القصر، فإن الرئيس عون أراد وضع الكتل النيابية امام مسؤولية التكليف تمهيداً للتأليف.
وفوجئت أوساط حزب الله، بتحديد الموعد، من دون حصول مشاورات معه، اما الاتصال مع الرئيس برّي فاقتصر على العلم والخبر.. بتحديد الموعد، من دون التطرق إلى أية مقاربات جديدة.
لكن الثنائي، مع ذلك رحب بالدعوة وكذلك فعل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، واوساط تيار المسقبل، بأعتبار انها كانت تنادي منذ اعتذار السفير مصطفى اديب الى إجراء الاستشارات وفقا للدستور.
وبناء على المعطيات الجديدة تتجه الانظار الى موقف رؤساء الحكومات الاربعة السابقين، ولا سيما موقف الرئيس سعد الحريري، وهل انه سيتراجع عن عدم ترشحه للمنصب وعدم تسمية اي شخصية من طرفه كما سبق ونُقل عنه، ام انه سيعيد تقييم الامور بعدما تسرّبت اجواء من قصر بعبدا تفيد ان الرئيس عون سيلتزم مقتضيات الدستور ويوافق على من تختاره اكثرية الكتل النيابية؟.
وفي موقف، له صلة مباشرة بالاستشارات الملزمة، قال الرئيس نجيب ميقاتي ان طرحه في الملف الحكومي دستوري ومنطقي، ويمكن ان ينطلق منه الرئيس الذي سيكلف للتمكن من إنقاذ البلد، معلناً ان مرشحه هو الرئيس سعد الحريري.
واستبعدت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون ان يكون لديه أي توجه في تأليف حكومة شبيهة بالحكومة المستقيلة، مرجحة ان تكون الحكومة تكنوسياسية من زاوية ان المبادرة الفرنسية هي نقطة الانطلاق.
وحسب متابعين، فإن الرئيس عون لا يرغب ان يتحمل وحيداً مسؤولية عدم التوافق، وان لا حاجة للتوافق على التأليف قبل التكليف، وفقاً لما كان فريقه يردد.. وبالتالي لم يحدث تفاهم مع برّي.. وليتحمل كل طرف مسؤوليته، لئلا تلقى أعباء رفع الدعم في غضون الأشهر القليلة المقبلة على عاتق الحكم في ظل غياب حكومة مؤلفة اصولاً..
الحريري
, ,حدد الحريري موقفه مساء أمس من كل التطورات الحكومية والسياسية والاقتصادية والمالية في إطلالة مع الزميل مرسال غانم في برنامج صار الوقت. كما عقد الرؤساء الاربعة اجتماعاً قريبا لمناقشة وتقرير الموقف.
وحسب مصادر مطلعة فثمة اربعة محاور رئيسية في الاطلالة: الاول يتناول بشكل تفصيلي كل خفايا المبادرة الفرنسية وكيف افضت الى تسمية مصطفى اديب رئيسا للحكومة وكيفية الانقلاب عليها بسلسلة من العراقيل المفتعلةمن الثنائي الشيعي لغايات لا علاقة لها بتشكيل الحكومة وتاثيرات فشل المبادرة على حل الازمة الحكومية والاقتصادية والاجتماعية وامكانيات اعادة احياء المبادرة الفرنسية من جديد. ويتحدث عن علاقته مع الثنائي الشيعي حاليا بعد الذي حصل.اما المحور الثاني فيتناول كيفية تعاطيه مع الكتلة مع الاستشارات الملزمة وعما اذا سيقبل تسميته هذه المرة ضمن الظروف أوانه ملتزم بذات الشروط السابقة او اذا كان مستعدا لتكرار تجربة تبني تسمية شخصية اخرى كمصطفى اديب وموقفه من طرح الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة مطعمة.اما المحور الثالث فيتناول علاقاته السياسية أصدقاء وحلفاء وخصوم وكيفية التعاطي معهم بالمرحلة المقبلة، ورؤيته للحل بالمرحلة المقبلة. أما المحور الرابع فيتناول موضوع الاتفاق عن الترسيم الحدودي المائي مع إسرائيل وموقفه منه وامور وقضايا اخرى.
وتردد انه في حال أصر الحريري على موقفه بالاعتكاف عن تولي المنصب، تتجه الانظار الى احتمال تكليف شخصية نيابية سنيّة، في حال تم الاتفاق على حكومة تكنو- سياسية، ومن دون اسقاط اسم المرشح المعتذر مصطفى أديب.
كما يُنتظر ان يقوم الرئيس بري باتصالات لتسهيل التوافق على التكليف والتأليف، وثمة من راهن على انه سيحاول إقناع الحريري بالترشح للمنصب او تسمية شخصية من اختياره، لكن تبقى مسألة الاتفاق على التأليف ايضاً رهن بالاتصالات التي ستجري هذا الاسبوع.
وفي جديد المواقف، أكد نائب الأمين العام لـ حزب الله الشيخ نعيم قاسم، ان الوضع الاقتصادي الاجتماعي لم يعد يحتمل، وسيف رفع الدعم وصل الى رقاب الناس، وأزمة كورونا قابلة لمزيد من التدهور . وسأل: ألا تتطلب هموم الناس هذه ومستقبل أولادهم، وجود حكومة إنقاذ على مستوى المرحلة ؟
كما قال الشيخ قاسم في كلمة في حفل تكريمي للشيخ حسن ملك: الوقت ليس مواتيا لتعديل أو تغيير موازين القوى، ولا للإنقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، ولا لإبتداع صيغ لحكومة لا تمثل الكتل النيابية. لقد أثبتت الأشهر الماضية بأن الحلَّ الوحيد المتاح هو التكليف والتأليف بحسب الدستور والآليات المعتمدة منذ الطائف، وأي تجاوز لهذا الحل يعني إبقاء البلد في حال المراوحة والتدهور، يتحمل مسؤوليتها من لا يسلك الطرق الدستورية والقانونية.
واشار الى ان خطة الإنقاذ وإعمار بيروت، ومعالجة الأزمات، تتطلب حكومة تتحمَّل هذه الأعباء، وكلما تكاتفت الأيدي وتحقَّق أوسع تمثيل في الحكومة لتنال ثقة المجلس النيابي، كلما كان الأمل بالإصلاح أكبر .
الاهتمام الفرنسي ثابت
فرنسياً، قال لودريان أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية إن اجتماعا لتقديم مساعدة إنسانية للبنان سيعقد، وفقا للتعهدات التي كنا قد قطعناها، في تشرين الثاني .
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أشار في ايلول الماضي خلال زيارته الثانية للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، إلى أن المؤتمر سيعقد في تشرين الأول.
وأوضح لودريان أن هذا المؤتمر سيسمح بـ الانتقال إلى المرحلة الثانية ، وهي مرحلة إعادة بناء المرفأ والأحياء المتضررة في بيروت، بعد مرحلة أولى كان عنوانها الطوارئ .
وعُقد مؤتمر دولي أول لمساعدة لبنان في 9 آب نظّمته فرنسا والأمم المتحدة، وتمكّن من جمع تعهّدات بقيمة 250 مليون يورو من المساعدات لمواجهة تداعيات الانفجار الذي وقع في الرابع من آب.
وشدد لودريان على ضرورة ألا تحجب هذه الكارثة المأساة السياسية القائمة في لبنان ، وهو حذّر مجددا من تفكك لبنان، لا بل من زواله إن لم تشكّل حكومة سريعا ولم تجرَ إصلاحات هيكلية.
وتابع الوزير أن اجتماعا جديدا للمجموعة الدولية لدعم لبنان سيعقد في غضون بضعة أيام من أجل إعادة تأكيد مطالبنا بالمضي قدما في هذا الاتجاه.
وفي الاجتماع الأخير للمجموعة الدولية لدعم لبنان الذي عقد في 23 أيلول على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعت فرنسا المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط كبيرة ومتضافرة للدفع باتجاه تشكيل حكومة في لبنان.
ووصلت إلى بيروت مساء أمس الأول سفيرة فرنسا الجديدة آن غريو، وغردت لدى وصولها: سعيدة جداً لوصولي إلى بيروت لتولي منصب سفيرة فرنسا في لبنان لمواصلة التزام فرنسا الثابت إلى جانب لبنان واللبنانيين..
إلى ذلك، طلب فريق من المصرف المركزي الفرنسي من مصرف لبنان اعطاءه فكرة مفصلة عن احتياطي الذهب لديه، فضلاً عن تزويده بنسخة عن الأجوبة اللبنانية على الأسئلة التي وجهتها شركة الفاريز إلى حاكمية المركزي، في ما خص التدقيق المالي.
قانون الانتخاب المدخل إلى مجلس الشيوخ
والبارز نيابياً، كانت الجلسة المشتركة للجان: المال والموازنة، الإدارة والعدل، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، برئاسة نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي، وحضور عدد كبير من النواب، حيث تمّ البحث في اقتراحات القوانين المتعلقة بالانتخابات النيابية..
وقال الفرزلي يجب تهيئة الظروف للانتخابات عبر قانون انتخابي متوافق عليه، وعادل وأحسن تمثيلاً..
وإذ كان النائب آلان عون (تكتل لبنان القوي) قال: نحن منفتحون على النقاش في موضوع قانون الانتخابات، لكن لا يجوز العودة إلى أهم مكسب في القانون الحالي، صحة تمثيل كل المكونات اللبنانية، ولو على المستوى الطائفي.. رافضاً العودة إلى نظام محادل، فإن النائب سامي فتفت (كتلة المستقبل) أخذ على القانون الحالي انه غير جامع ويحدنا على الخطاب المناطقي، وليس الخطاب الوطني الجامع.
وذهب النائب جورج عدوان (كتلة الجمهورية القوية – القوات اللبنانية) إلى مؤتمر صحفي، رأى فيه ان الاولوية اليوم ليست لبحث مجلس شيوخ أو قانون انتخاب، إنما الأولوية القصوى معالجة المشاكل التي تهم النّاس، لا نستطيع ان نؤخر تشكيل حكومة، ذات مهمة محددة ، مضيفاً: نحن اليوم لسنا بحاجة في المجلس النيابي إلى موضوع خلافي .
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1459 إصابة كورونا جديدة، رفعت العدد التراكمي منذ 21 شباط الماضي إلى 48377 حالة، فضلاً عن 9 حالات وفاة جديدة..
وسط هذه المعاناة المرضية، نفذ العاملون في مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي وقفة احتجاجية باتجاه وزارة الصحة للمطالبة برفع الحرمان والاجحاف والانتقائية التي تمارسها الإدارة.