القس الدكتور جون نمور
قال الوحيُّ المُقدَّس:«وَلَكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ صِرتُم قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ. لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا الَّذِي جَعَلَ الِاثْنَيْنِ وَاحِداً وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ. أَيِ الْعَدَاوَةَ. مُبْطِلاً بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ لِكَيْ يَخْلُقَ الِاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَاناً وَاحِداً جَدِيداً صَانِعاً سَلاَماً وَيُصَالِحَ الِاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ (أفسس13:2). ورأينا صورة مُصغرّة عن المسالمة التي تتم بالمسيح حيث قال الوحي:«وَلَمَّا أَكْمَلَ [المسيح] أَقْوَالَهُ كُلَّهَا فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ دَخَلَ كَفْرَنَاحُومَ. وَكَانَ عَبْدٌ لِقَائِدِ مِئَةٍ مَرِيضاً مُشْرِفاً عَلَى الْمَوْتِ وَكَانَ عَزِيزاً عِنْدَهُ. فَلَمَّا سَمِعَ عَنْ يَسُوعَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ شُيُوخَ الْيَهُودِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَشْفِيَ عَبْدَهُ. فَلَمَّا جَاءُوا إِلَى يَسُوعَ طَلَبُوا إِلَيْهِ بِاجْتِهَادٍ قَائِلِينَ إِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يُفْعَلَ لَهُ هَذَا. لأَنَّهُ يُحِبُّ أُمَّتَنَا وَهُوَ بَنَى لَنَا الْمَجْمَعَ. فَذَهَبَ يَسُوعُ مَعَهُمْ. وَإِذْ كَانَ غَيْرَ بَعِيدٍ عَنِ الْبَيْتِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَائِدُ الْمِئَةِ أَصْدِقَاءَ يَقُولُ لَهُ يَا سَيِّدُ لاَ تَتْعَبْ. لأَنِّي لَسْتُ مُسْتَحِقّاً أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي. لِذَلِكَ لَمْ أَحْسِبْ نَفْسِي أَهْلاً أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ. لَكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَيَبْرَأَ غُلاَمِي. لأَنِّي أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ مُرَتَّبٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. وَأَقُولُ لِهَذَا اذْهَبْ فَيَذْهَبُ وَلِآخَرَ ائْتِ فَيَأْتِي وَلِعَبْدِي افْعَلْ هَذَا فَيَفْعَلُ. وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ هَذَا تَعَجَّبَ مِنْهُ وَالْتَفَتَ إِلَى الْجَمْعِ الَّذِي يَتْبَعُهُ وَقَالَ أَقُولُ لَكُمْ لَمْ أَجِدْ وَلاَ فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَاناً بِمِقْدَارِ هَذَا. وَرَجَعَ الْمُرْسَلُونَ إِلَى الْبَيْتِ فَوَجَدُوا الْعَبْدَ الْمَرِيضَ قَدْ صَحَّ»(لوقا1:7).
كان هذا القائد رئيساً لمئة جندي إيطالي من خلفيّة وثنية وبسبب وظيفته وتواجده في كفرناحوم سمع العجائب والقوات التي صنعها المسيح. المكان الذي وضعك الله بهِ هو المكان المناسب ليقودك إلى معرفة المسيح لتتخذهُ مُخلّصاً وفادياً وربّاً. كان لهذا القائد مزايا حسنة ومواقف إيجابية. كان يُحب عبدهُ وهذا أمر جيّدٌ لأنه كثيرا ما يستعبد السيّد عبدهُ حتى الموت. كان مُتواضعاً ولم يكن مُتسلطاً. قال شيوخ اليهود بأنه مُستحقٌ لأنهُ يُحب أمتنا، شعبُ الله. كان وثنيّاً مستعمراً لكنهُ كان مُتسامحاً مع مَن يستعمرهم وبنى لهم المجمع. لم يكن مُتعصباً بل سموحاً حتى مع الأعداء. رغم هذه المزايا الحسنة لم يذهب إلى المسيح لأنهُ شعرَ في نفسهِ بأنه غير مستحق. طلبَ الشيوخ باجتهاد من المسيح ليأتي ويشفي العبد. وهذه نقطة مفيدة إذ لكونهم لم يكرهوا هذا القائد المستعمر رغم العداوة القائمة بينهم وبين الرومان فإنهُ يُمكن للإنسانية أن تلتقي معاً من خلال المسيح ويقبلُ أحدنا الآخر رغم العداوة. لأننا أخوة. مكتوبٌ:«وصَنَعَ (الله) مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ. لِكَيْ يَطْلُبُوا اللهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُوهُ مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيداً»(أعمال26:17).
إذاً مهما عملنا مفاوضات واتفاقات فالبشرية لن تُسالم بعضها البعض ما لم تتحد بالمسيح. بروحِ المسيح نحيا برباط المحبة والسلام. بروح المسيح نغفر بعضنا لبعض. مكتوبٌ:«لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ اذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ اعْمَالِهِ وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ حَيْثُ لَيْسَ يُونَانِيٌّ وَيَهُودِيٌّ خِتَانٌ وَغُرْلَةٌ بَرْبَرِيٌّ سِكِّيثِيٌّ عَبْدٌ حُرٌّ بَلِ الْمَسِيحُ الْكُلُّ وَفِي الْكُلِّ. فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ احْشَاءَ رَأْفَاتٍ وَلُطْفاً وَتَوَاضُعاً وَوَدَاعَةً وَطُولَ انَاةٍ مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً انْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى احَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هَكَذَا انْتُمْ ايْضاً. وَعَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ. وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي الَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ»(كولوسي9:3).
طلبَ الشيوخ من المسيح باجتهادٍ أن يأتي ويشفي العبد وقدّموا سبباً وجيهاً بأن هذا القائد مُسْتَحِقٌّ أَنْ أما القائد فاعترفَ للمسيح بأنه غير مستحقٌ. فالإنسان الباحث عن الحق والمغفرة والشفاء والسَّلام والخلاص هو شخصٌ مُخلِصٌ وأمينٌ مع نفسه وبصدقٍ يعترف بأنهُ غير مُستحقٍ. بهذا الشأن قال الوحيُّ المقدس:«فَمَاذَا إِذاً؟ أَنَحْنُ أَفْضَلُ؟ كَلاَّ الْبَتَّةَ! لأَنَّنَا قَدْ شَكَوْنَا أَنَّ الْيَهُودَ وَالْيُونَانِيِّينَ أَجْمَعِينَ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ. وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً. أَرْجُلُهُمْ سَرِيعَةٌ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ. فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ. وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ النَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ الَّذِينَ فِي النَّامُوسِ لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ اللهِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ»(رومية 9:3).
إن مرض العبد أحزنَ قائد المئة لكن كان هذا لخيرهِ ولخير القائد وبيته. الضيقة حركتهم نحو المسيح ليتعرّفوا عليه ويتمتعوا بخلاصهِ. الضيقة تتحوَّل لخيرنا حينَ نطلب الرب يسوع. الرب يتوق أن يدخل قلوبنا وبيوتنا ليباركها. شاءَ المسيح أن يأتي إلى بيت القائد مع أنه شفى كثيرين بكلمةٍ مِن بُعدٍ (يوحنا50:4؛ متى28:15 ). أرادَ المسيح أن يُقدِّم درساً في الإيمان ويُبيِّن لليهود أن الوثنيّين يتهافتُون عليهِ، بحسبِ نُبُوءات العهد القديم. هذه الحادثة دوّنها الوحيُّ في بشارة متى وقالَ المسيح في أواخرها:«إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ اذْهَبْ وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ. فَبَرَأَ غُلاَمُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ»(متى11:8).*** نُصَلَّي:«أيُّهَا الرَّب يسوع ارحمني واغفر خَطَايَاي بِدَمِكَ الطَّاهِر واملأني بروحكَ القُدُّوس وامنحني نعمة الحياة الأبدية لأصير مِن شَعبِكَ لأمجّد أسمكَ القدُّوس إلى أبد الآبدين». وأخيراً أهدي للآب والابن والرُّوح القُدُس الإله الواحد المُثلَّث الأقَانِيم السُّجود والإكرام والتَّعَبُّد الآن وإلى أبد الآبدين، آمين.
مع محبة المسيح: راعي كنيسة غيلفورد العربية المعمدانية، القس الدكتور جُون نَمُّور.
130-132 Orchardleigh st Guildford 2161,
Ph 96320300,
www.arabicbaptist.net