أنطوان القزي

 

أمام كثرة الكلام عن الأرنب الأخير الذي أطلقه الرئيس نبيه برّي حول مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل لا بدّ من الإشارة أن “الأستاذ” الإختصاصي في إطلاق الأرانب عند الحشرة وُوجه أرنبه هذه المرّة بالنيران الصديقة  إذ سارعت وزارة الخارجية السورية الى انتقاد اعلان الرئيس نبيه بري اتفاق الاطار لتفاوض لبنان مع إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية والبرية، و تضمَّن رد وزارة الخارجية  السورية أنها “ترفض التنازلات والاتفاقات والمعاهدات مع العدو الاسرائيلي، وأن التزام دمشق، يقوم على رفض أي محاولات للتفريط بالحقوق، واستباحة الأرض”.

ومن محاسن الواقع، أن الرئيس بري هو الذي فاوض على اتفاق الاطار، وهو الذي أعلنه بالتنسيق طبعاً مع شريكه في الثنائي الشيعي “حزب الله” وليس أي طرف آخر سواء كان مسيحياً أم سنّياً، إذ كان سيقابَل بحملة تشكيك وتخوين. لكن غطاء “حزب الله” للاعلان، يجعل الرد السوري شكلياً وعابراً ومحدوداً في الزمان والمكان.

 

والنظام السوري نسي أو تناسى أنه فاوض إسرائيل على الجولان في وقت سابق، وبلغت المفاوضات حد البحث في أمتار قليلة. فقد قرر الرئيس حافظ الأسد المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 ثم الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، وصولاً الى المفاوضات المباشرة في العام 2000.

 

وفي 2008، فُتحت قناة تفاوض سرية بين الجانبين برعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان هدفها فك عزلة سوريا التي تفاقمت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

 

وبعد، هل يحق لسوريا ما لا يحق للبنان؟ ومَن حَكَم بأن التفاوض سيقود الى تنازلات وتفريط بالحقوق؟ يبدو جلياً أن تعامل “الشقيق” السوري لم يتبدل وهو يحاول دائماً عرقلة كل المساعي التي تساهم في نهضة “شقيقه” وتقدمه ورخائه.

 

 

وعلى المستوى الاجتماعي والمعيشي، يقفز أرنب الرئيس بري وسط ازمات ومطبّات داخلية كثيرة:

 

فقوارب اللبنانيين الهاربين من الذلّ والفقر والموت المجاني تملأ البحر المتوسط، الذي لا يزال يلفظ جثث الغرقى الضحايا على شواطئ طرابلس والبترون والجية وصيدا.

وأهالي ضحايا المرفأ المئتين يكررون تظاهراتهم لجلاء نتائج التحقيقات.

وباخرة قبالة الزهراني محمّلة بعشرة ملايين طن من البنزين، لا علم للدولة بها، تفرغ حمولتها لتملأ الصهاريج المتوجهة الى سوريا.. ويقولون ان كل المعابر غير الشرعية اُقفلت.

وحبل الكورونا “فالت على الغارب” لأن الدولة تفرض قيوداً لا تستطيع تنفيذها.. والمستشفيات لم تعد تستقبل المصابين في ظلّ كلام خطير عن رفع الدعم عن البنزين والخبز والدواء!.

ومتظاهرون في صيدا يطالبون بتنفيذ القرار 1559 ونزع السلاح غير الشرعي، يقابلهم متظاهرون يقولون:”المقاومة ليست يتيمة ولن نبدل سلاحنا برغيف خبز”.. ربما نزولاُ عن القول المأثور”ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”!.

فهل يغطس الأرنب الأخير في بحر الناقورة وينجو من “الأسُود” التي تريد أن تلتهمه؟!؟