أحمد الكناني
تتحول العدالة الى ظلم عندما يطبق نص القانون والعقوبة المترتبة عليه في غير مواردها بأجتهاد من االقاضي العادل جداً ، حتى قيل القانون يقتل بحرفه ويحيي بروحه ..
امثلة ذلك الظلم بسيف العدالة لا تحصى في دول أسست شرائعها وقوانينها و قواها الأمنية والقضائية لنصرة الحاكم وحزبه خصوصا اذا ما غُلّفت تلك القوانين بصبغة دينية من الشرع الإسلامي كالمفسد في الأرض مثلاً كنص قانوني في بلد مثل ايران حيث تصل العقوبة المترتبة عليه الى الإعدام .
السؤال : من هم هؤلاء المفسدون في الأرض من وجهة نظر القاضي العادل جداً ؟
والجواب :هم أصحاب الرأي من مفكرين وصحفيين وحتى رجال دين ، بل هذه الشريحة من المجتمع هم اكثر مصاديق الافساد في الأرض لانهم ببساطة لهم آراءهم الفقهية المختلفة مع مبدأ ولاية الفقيه كمسألة فقيه يشوبها الخلاف حالها حال أي مسألة فقهية أخرى ، والخلاف مع هذا المبدأ يعنى الخلاف مع اعلى سلطة دينية والراد عليه راد على الامام وهو بمثابة الراد على النبي وهو كحد الراد على الله ، اذن هو مفسد في الأرض ويجب القضاء عليه .
احد القضاة يسأل مرجعاً دينياً في قم : لماذا انت ضد ولاية الفقيه ؟ أجاب المرجع : والله ولاية الفقيه هي ضدي وانا لست ضد ولاية الفقيه .
وكذلك الحال في الدول الأكثر عصرية حيث عناوين المساس بأمن الدولة والتخابر مع الأجنبي بغية التجسس نصوص قوانين جاهزة تطبق على ايّ شخص غير مرغوب به ، وضحايا هذه النصوص لا تعد ولا تحصى …
أخير وقع الزميل عمر الراضي ضحية تلكم النصوص العادلة جدا ، والراضي صحفي مغربي عُرف عنه قيامه بتحقيقات صحفية مهمة ، كان آخرها حديثه عن القوانين القاسية جدا بحق احد الناشطين والمدافعين عن حقوق أبناء الريف المغربي في القضية المعروفة بنشطاء حراك الريفي الاجتماعي حيث حكم على زعيم ذلك الحراك ناصر الزفزافي واثنان من رفاقه بالسجن عشرين عاماً ، هذا الحكم الذي نزل كالصاعقة على بعض أقارب المتهمين حتى انهار بعضهم في قاعة المحكة ..
المعروف عن أبناء الريف في الشمال المغربي في مناطق تطوان والحسيمة عدم ولائهم للملك في الغالب كما هو حال بعض الامازيغ مع فارق كبير بينهما فالامازيغيون يمثلون قوة اقتصادية مستقلة ولسوا بحاجة الى خدمات الدولة على عكس سكان الريف حيث يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة كما هو حال القرى او ما يسمونها بالمغربية العروبية حيث انعدام الإمكانات حتى التربوية منها اذ لا توجد مدارس ثانوية في كثير من القرى ويكتفى أبناء القرى بالتعليم الابتدائي فقط ، والانتقال الى الثانويات يكلفهم مشقة قطع طرق بعيدة عم سكناهم ، وقد شهدت بعض معانات احدى القرى في الغرب المغربي عند مكوثي هناك …
قضية زعيم الحراك الريفي والحكم عليه بالسجن عشرين عاما كانت عنوان لظلم العدالة بنظر الكثيرين من الصحفيين المراقبين للاحداث ومنهم عمر الراضي فكتب ينتقد حكم المحكمة ، هذا الامر أدى الى اعتقاله بتهمة ازدراء المحكة …
افرج عن الراضي ثم اعيد اعتقاله وهكذا توالت عليه التهم ما ان يخرج من احدى حتى يدخلوه باخرى ..
احدى تلك التهم التخابر مع دولة اجنبية والتجسس لصالحها ، وهذا التهمة أدخلت المغرب بمشكلة كبيرة مع منظمة العفو الدولية حيث اكتشف ان السلطات الأمنية تتجسس على هاتف الراضي بتقنية اسرائلية ، وتحولت القصة من صحفي متهم مع سلطات بلده الى قضية بين المملكة المغربية و منظمة حقوقية دولية .
أخيراً أعيد اعتقال االراضي وهذه المرة بتهمة السكر العلني وتصوير غير لائق لمواطنة مغربية من دون رضاها ، ويعتقد ان وراء ذلك الحصول على هاتف الراضي للخلاص من احراج السلطات الأمنية وتجسسها على اتصالات الصحفيين بوسائل تكنولوجية اسرائلية فائقة التقنية ..
اعجبني كثيراً موقف الناشطين المغاربة في كازبلانكا وخرجهم الى الشوارع لايقاف التلاعب الرخيص بمستقبل الصحفيين .