أنطوان القزي

 

الزمان يوم الإثنين 31 آب أغسطس 2020،

المكان:مطارا بيروت وابو ظبي

الحدث هبوط طائرتين: الأولى فرنسية في مطار بيروت، والثانية إسرائيلية في مطار أبوظبي.

الطائرة الأولى رأى فيها معظم اللبنانيين يوماً أبيض، والطائرة الثانية وجد فيها معظم الإماراتيين يوماً أسود.

الأولى تقلّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حاملاً العصا الغليظة برضىً أميركي، ينذر المسؤولين اللبنانيين: حكومة سريعة وإصلاحات أسرع ترافقها انتخابات نيابية مبكرة..

ماكرون راجع في كانون الأول ليرى نتيجة ما زرع وليتحقق إذا أنجز أهل السلطة في لبنان ال”Home work أو ال”Devoir: بالفرنسية

وإلّا “لا مال ولا مساعدات ولا من يحزنون”.. واستعدّوا للعقوبات.

الطائرة الثانية إسرائيلية حطّت في مطار أبو ظبي تقل مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنير وهو أيضاً  يحمل العصا ولكن ليس للإماراتيين، بل للعرب المترددين، لأن حكام الإمارات أصبحوا” في العبّ”!.

الطائرة الأولى حطّت بعد مئة سنة من زيارة الجنرال غورو الى بيروت وتوقيعه وثيقة إعلان دولة لبنان الكبير.

 

والطائرة الثانية هبطت بعد مرور 42 سنة على توقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل. ومرور أكثر من ربع قرن على تطبيع الأردن علاقاته مع إسرائيل. و على مرمى حجر من إعلان السودان وسلطنة عُمان اللحاق بالإماراتيين!.

رغم الهوّة الزمنية الضخمة بين المحطات الثلاث، حققت إسرائيل مع الإمارات في ثلاثة أسابيع ما لم تنجزه خلال 68 عاما مع مصر والأردن مجتمعتين.

 

لبنان يوصف بأنه الساحة الجغرافية الأكثر ملاءمة للتحكّم بالشرق الأوسط، وأنه يؤدي خدمة لكل الأطراف الإقليمية والدولية وإن بصوَر مختلفة إنطلاقاً من أميركا وصولاً إيران مروراً بفرنسا وروسيا.

ولبنان يتمتع بوجود أكبر بئر للغاز الطبيعي في مياهه الإقليمية ، فلا تتفاجأوا إذن لماذا  تتهافت”خالات وعمّات ” هذا الصبي لدغدغته واحتضانه!.

والإمارات توصف بأنها إحدى أقوى الدول العربية، والأكثر جرأة على خوض المغامرات. ذلك أن مفهوم القوة ومركزها عند العرب تغيّرا وانتقلا من الدول الكبرى جغرافيًا وبشريا، إلى أخرى ليست بالضرورة كبرى، إحداها الإمارات. ستجد إسرائيل سهولة في التسلل إلى الدول العربية سياسيا وتجاريا وأمنيا.

 

وستبقى الإمارات ترسل للبنانيين طائرات الإعانة بصورة شبه يومية، وستبقى صديقتها إسرائيل ترسل لنا طائراتها العسكرية لتخرق جدار الصوت فوق رؤوس اللبنانيين.

ماكرون ممثل للإدارة الأميركية بصورة غير مباشرة ، وكوشنير ممثل مباشر لدونالد ترامب.

ماكرون جاء لإبعاد نفوذ “حزب الله” عن التحكّم بالقرار اللبناني عن طريق تدوير الزوايا، وكوشنير يحاول تطويق النفوذ الإيراني عبر ضم الإمارات إلى صفقة القرن.

فهل سينجز اللبنانيون”فرضهم” قبل عودة “المسيو ماكرون”؟!.

عندما كان ماكرون “يؤستذ” في قصر الصنوبر ويعلن أنه سيعود في كانون الأول المقبل ،حبكت النكتة مع أحد سياسيي  14 آذار السابقين فقال: “ما صدّقنا أيمتى خلصنا من المدرسة ومن استاذ اللغة الفرنسية حيث كنا نقضّيها وقوفاً وجلوساُ ونحن نقول”بونجور مسيو أورفوار مسيو” .. ولكن الأستاذ اليوم أصغر من تلامذته ويجبرنا على الوقوف وربّما في الزيارة الثالثة سيجلب معه “المسطرة”؟!.