أنطوان القزي
في لاهاي تفرّقنا،ابتعدنا، “وكل عنزة تعلّقت بكرعوبها” من جديد: الحكم واحد والقضية تطالنا جميعاً ، لكننا رفضنا الحكم بدرجات وارتضينا به أيضاً بدرجات.
وفي الجميزة ومار مخايل والأشرقية التقت نساء لبنان واجتمعت على المساعدة ، وحملت عائشة ربطة الخبز وزينب جلبت بعض الدواء وبرناديت أتت بما تيسّر من حديقتها.
صحيح ان الرجال يحملون الرفوش والمعاول والواح الزجاج والخشب و تجمعهم الغيرة والوطنية، ولكن لا تزال لغة مسؤوليهم الخشبية تحرّضهم على الخلاف عند أول مفرق؟!.
جميل جداً مشهد عائشة الآتية من عكار وطربلس وصيدا والبقاع الغربي، وزينب القادمة من بعلبك والهرمل والجنوب والضاحية، وبرناديت النازلة من أعالي المتن وكسروان ومن زحلة وجزين وكل الشمال، مشهد يصلح لأن يكون صورة غلاف لرواية جميلة تعوم على مأساة إنسانية.
الفينيق سنطلقه معاً ليحلّق من جديد ويرفرف، والمداميك سنعليها بسواعد الموزييك اللبناني البهيّ، وطرقات الشوارع سنرصفها بحجارة تلك الجبال التي دفعت أجدادنا يوماً للنزول الى المدينة.
لن نجعل ما سطّره المواطنون في شوارع بيروت المنكوبة يفرّقه حكم محكمة لاهاي أوّلاً، و خلافات السياسيين ثانياً الذين لا يدرون حتى الآن اين يقع مكان انفجار المرفأ، وربما يقرأون عنه غداً في خرائط الإنكليز والروس والفرنسيين والألمان وسواهم!.
منذ بداية الثورة في لبنان والنساء يتقدمن التظاهرات، ويرفعنَ صوتهن في الهتافات. أمّا اليوم فالوضع اختلف، حيث شمّرن عن سواعدهن ورحن يشاركن في رفع الأنقاض من شوارع بيروت بعد انفجار 4 آب الجاري.
ففي ألمانيا نرى في بعض االمدن تمثال “امرأة الأنقاض”. لأن أعدادا كبيرة من النساء الألمانيات أقدمن بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بكل حماس على إزالة الأنقاض في المدن المدمرة. وبمناسبة تدشين هذه النصب التذكارية لجأ السياسيون مرة بعد الأخرى إلى كلمات إشادة تشبه تلك التي استخدمها أيضا المستشار الألماني السابق هلموت كول عام 2005 في مدينة ميونيخ، فقد وصف كول نساء الأنقاض بأنهن “رمز لتصميم الألمان على البناء والبقاء على قيد الحياة”. ”
ونحن نقول مع هلموت كول”فلتكن المرأة اللبنانية رمزاً للتصميم، وما بدأته في الأنقاض تكمله في السقوف العالية، لأن الرجال سيختلفون عند الطابق الثاني”؟!.
تحية للمرأة اللبنانية، تحية الى عائشة وزينب وبرناديت، و يا أيها الرجال ، خذوا الدرس من سواعد النساء وليس من الصالونات السياسية.
.