أنطوان القزي
ارجو المعذرة من كثيرين إذا قلت أن الدخان الأسود الذي خرج من بعض الألسنة والنفوس تجاوز دخان انفجار الثلاثاء في مرفأ يبروت. بتنا بمعظمنا لا نستحق أن نكون لبنانيين، نتصرّف وكأن مفرقعة اصابت واجهة زجاجية، نتبادل الشتائم وكأننا في كافيتيريا “نزل السرور” ونتلهّى بفانتيزيا حساباتنا الصغيرة..
لا أخصّ أحداً إذا قلت أن كثيرين يجب أن يستقيلوا من لبنانيتهم، وأن كثيرين يجب أن يفتشوا عن دولة مارقة ليستحقّوا جنسيتها.
لم أعد أبالي بالتجريح الذي قد يطالني وينال منّي وأنا أدلّل على هؤلاء الذين جعلوا جبيني يندى لِما رأيت لديهم من كمٍّ كبير من النكران والجحد وسوء التفسير وكأنهم بعيدون عن لبنان آلاف السنوات الضوئية…
انظرُ الى الشاشة، فأرى لبنانيين من كل المناطق يحملون المعاول والرفوش ويساعدون اخوتهم المتضرّرين، وانظر الى الفايسبوك لأرى أناساً هنا يستلون سيوف الحقد والكراهية ويمعنون في الإستغلال السلبي لوسائل التواصل الإجتماعي!..
انظرُ الى شاشة أخرى لأرى شاباتٍ وشباناً حملوا السندويش والمناقيش وربطات الخبز الى الذين باتوا بلا شراب او طعام، وانظر الى الانستغرام ليذهلني كلام طائفي وعقائدي وتقسيمي جارح..
انظر الى شوارع الجميزة لأرى رئيساً زارنا ليقف على خاطرنا ويؤاسينا ويطيّب جراحنا، ليطالعني تعليق من أناسٍ غلبتهم العصبية فراحوا “يفرمون فرنسا فرماً” ويتحدثون عن رئيسها وكأنه عيدي أمين يأكل لحوم البشر.
وبينما كنت ارى ايمانويل ماكرون يخلع الكمامة ويصافح المفجوعين يطالعني مَن كنتُ اخترتهم أصدقاء على الفايسبوك بتنظيرات غريبة عجيبة عادوا بها الى زمن لويس الرابع عشر وان فرنسا هي التي اوصلتنا الى ما وصلنا اليه من بؤس وتعتير ، وان زيارة ماكرون هي استعمار جديد على ظهر المساعدات الانسانية وان هذه الزيارة هي نفاق سياسي!.
لم يتحدث هؤلاء عن طائرات قطرية وايرانية وسعودية وتركية على متنها نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي، كلها وصلت الى مطار بيروت ولم يذكروا ما كان لدول هذه الطائرات من دَور في لبنان. وكأن الفرنسيين وحدهم “كسروا مزراب العين”؟َ!.
الرئيس الفرنسي ليس قريبي لأدافع عنه وهو لا يحتاج لدفاعي بل أراني مدفوعاً لأقول كلمة عيب كبيرة لأنه حان الوقت لنتعلّم كلمة “شكراً” ولو كان الضيف آتياً من بلاد ال”ماوماو” ..